[ ص: 811 ] 156 - فصل
[ ] . نكاح الكتابيات المتمسكات بغير التوراة والإنجيل
قال القاضي : ومن كان متمسكا بغير التوراة ، والإنجيل كزبور داود وصحف شيث وإبراهيم ، هل يقرون على ذلك ؟ وهل تحل مناكحتهم وذبائحهم ؟ على وجهين :
أحدهما : يقرون ويناكحون على ظاهر كلام أحمد في رواية ابن منصور وقد سئل عن ، فقال : لا يعجبني إلا من أهل الكتاب ، فأطلق القول في أهل الكتاب ، ولم يخص أهل الكتابين . نكاح المجوس
وقال في رواية حنبل : قال تعالى : ( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ) ، مشركات العرب الذين يعبدون الأصنام ، ففسر الآية على عبدة الأصنام .
وظاهر هذا أن ما عدا عبدة الأوثان غير منهي عن نكاحهن .
والوجه الثاني : لا تجوز مناكحتهم ، ولا يقرون ، وهو قول أصحاب . الشافعي
وجه الأول قوله : ( والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب ) ، وهذا عام في كل كتاب ولأنه متمسك بكتاب من كتب الله أشبه أهل [ ص: 812 ] التوراة والإنجيل .
ووجه الثاني تعليلان :
أحدهما : أن الكتاب ما كان منزلا كالتوراة ، والإنجيل ، والقرآن ، فأما ما لم يكن كذلك فليس بكتاب ، بل يكون وحيا وإلهاما ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " " ، قال : " أتاني آت من ربي ، فقال : صل في هذا الوادي المبارك ، وقل : عمرة في حجة " ، ولم يكن ذلك قرآنا ، وإنما كان وحيا ، ولأن هذه الكتب - وإن كانت منزلة - ولكنها اشتملت على مواعظ ، ولم تشتمل على أحكام : وهي الأمر والنهي ، فضعفت في بابها . وأمرني أن آمر أصحابي بالتلبية
[ ص: 813 ] قلت : ليس في الدنيا من يتمسك بهذه الكتب ، ويكفر بالتوراة ، والإنجيل ألبتة ، فهذا القسم مقدر لا وجود له ، بل كل من صدق بهذه الكتب ، وتمسك بها فهو مصدق بالكتابين ، أو أحدهما ، ولهذا لم يخاطبهم الله سبحانه في القرآن بخصوصهم ، بل خاطبهم مع جملة أهل الكتاب .
وأما قوله : إن الكتاب عام في قوله : ( والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب ) ، فعرف القرآن من أوله إلى آخره في الذين أوتوا الكتاب أنهم أهل الكتابين خاصة ، وعليه إجماع المفسرين ، والفقهاء ، وأهل الحديث .