[ ص: 873 ] 167 - فصل
[ ] . أقسام أهل العهد من الكفار
الكفار إما أهل حرب وإما أهل عهد ، وأهل العهد ثلاثة أصناف :
[ 1 - ] أهل ذمة .
[ 2 - ] وأهل هدنة .
[ 3 - ] وأهل أمان .
وقد عقد الفقهاء لكل صنف بابا ، فقالوا : باب الهدنة ، باب الأمان ، باب عقد الذمة .
ولفظ " الذمة والعهد " يتناول هؤلاء كلهم في الأصل .
وكذلك لفظ " الصلح " ، فإن الذمة من جنس لفظ العهد ، والعقد .
وقولهم : " هذا في ذمة فلان " أصله من هذا : أي في عهده ، وعقده ، أي فألزمه بالعقد ، والميثاق ، ثم صار يستعمل في كل ما يمكن أخذ الحق من جهته ، سواء وجب بعقده ، أو بغير عقده ، كبدل المتلف فإنه يقال : هو في ذمته ، وسواء وجب بفعله ، أو بفعل وليه ، أو وكيله ، كولي الصبي ، والمجنون ، وولي بيت المال والوقف ، فإن بيت المال ، والوقف يثبت له حق وعليه حق ، كما يثبت للصبي والمجنون ، ويطالب وليه الذي له أن يقبض له ، ويقبض ما عليه .
[ ص: 874 ] وهكذا لفظ " الصلح " عام في كل صلح ، وهو يتناول صلح المسلمين بعضهم مع بعض ، وصلحهم مع الكفار ، ولكن صار - في اصطلاح كثير من الفقهاء - " أهل الذمة " عبارة عمن يؤدي الجزية ، وهؤلاء لهم ذمة مؤبدة ، وهؤلاء قد عاهدوا المسلمين على أن يجري عليهم حكم الله ورسوله ، إذ هم مقيمون في الدار التي يجري فيها حكم الله ورسوله ، بخلاف أهل الهدنة ، فإنهم صالحوا المسلمين على أن يكونوا في دارهم ، سواء كان الصلح على مال ، أو غير مال ، لا تجري عليهم أحكام الإسلام كما تجري على أهل الذمة ، لكن عليهم الكف عن محاربة المسلمين ، وهؤلاء يسمون أهل العهد ، وأهل الصلح ، وأهل الهدنة .
وأما فهو الذي يقدم بلاد المسلمين من غير استيطان لها ، وهؤلاء أربعة أقسام : رسل ، وتجار ، ومستجيرون حتى يعرض عليهم الإسلام والقرآن ، فإن شاءوا دخلوا فيه ، وإن شاءوا رجعوا إلى بلادهم ، وطالبوا حاجة من زيارة ، أو غيرها ، وحكم هؤلاء ألا يهاجروا ، ولا يقتلوا ، ولا تؤخذ منهم الجزية ، وأن يعرض على المستجير منهم الإسلام والقرآن ، فإن دخل فيه فذاك ، وإن أحب اللحاق بمأمنه ألحق به ، ولم يعرض له قبل وصوله إليه ، فإذا وصل مأمنه عاد حربيا كما كان . المستأمن