170 - فصل
[ ] . شروط إسلام الصبي
إذا ثبت هذا فقال الخرقي : " والصبي إذا كان له عشر سنين ، وعقل الإسلام فهو مسلم ، فشرط لصحة إسلامه شرطين :
أحدهما : أن يكون له عشر سنين .
والثاني : أن يعقل الإسلام .
فأما هذا الثاني فلا خلاف في اشتراطه ، فإن ، وكلامه لا عبرة به ، فلا يدل على إرادته ، وقصده . الطفل الذي لا يعقل لا يتحقق فيه اعتقاد الإسلام
وأما الشرط الأول ، فقال الشيخ في " المغني " : " أكثر المصححين لإسلامه لم يشترطوا ذلك ، ولم يحدوا له حدا من السنين . وهكذا حكاه ابن المنذر عن أحمد : يعني أنه يصح إسلامه من غير تقييد بحد ، وروي عن أحمد : إذا كان له سبع سنين فإسلامه إسلام ؛ لأن النبي - صلى الله عليه [ ص: 910 ] وسلم - قال : " " فدل على أن ذلك حد لأمرهم وصحة عباداتهم فيكون حدا لصحة إسلامهم " انتهى . مروهم بالصلاة لسبع
والمشهور في المذهب : أن صح إسلامه من غير اعتبار حد من السنين ، الصبي إذا عقل الإسلام والخرقي قيده بعشر ، وقيده غيره بتسع ، حكاه أبو عبد الله بن حمدان ، ونص أحمد في رواية على السبع ، وقال : " إذا أسلم وله خمس سنين جعل إسلامه إسلاما " . ابن أبي شيبة
[ ص: 911 ] قال في " المغني " : " ولعله يقول : إن عليا أسلم ، وهو ابن خمس سنين ؛ لأنه قد قيل : إنه مات وهو ابن ثمان وخمسين ، فعلى هذا يكون إسلامه لخمس سنين ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام من حيث بعث إلى أن توفي ثلاثا وعشرين سنة ، وعاش علي - رضي الله عنه - بعد ذلك ثلاثين سنة ، فذلك ثلاث وخمسون سنة ، فإذا مات عن ثمان وخمسين لزم قطعا أن يكون وقت المبعث له خمس سنين " انتهى .
وهذا مما اختلف فيه فروى قتادة ، عن الحسن ، وغيره ، قال : أول من أسلم بعد خديجة علي ، وهو ابن خمس عشرة سنة أو ست عشرة .
[ ص: 912 ] قلت : وصاحب هذا القول يلزمه أن يكون سنه يوم مات سبعين سنة إلا سنتين ، وهذا لم يقله أحد كما سيأتي .
وقال الحسن بن زيد بن الحسن : أسلم علي ، وله تسع سنين .
وذكر الليث ، عن أبي الأسود ، عن عروة قال : أسلم علي وهو ابن ثمان سنين .
وذكر مقسم ، عن أن ابن عباس علي وله عشرون سنة أراد الراية يوم النبي - صلى الله عليه وسلم - دفع الراية إلى بدر ، وكانت في السنة الثانية من الهجرة ، وأقام بمكة ثلاث عشرة سنة ، فهذا يدل على أن إسلامه كان لخمس سنين ، فإنه إذا كان له يوم بدر عشرون سنة كان بينه وبين المبعث خمس عشرة ، ولا يصح أن تكون هذه راية فتح خيبر ؛ لأنه يلزم أن يكون له وقت المبعث سنة واحدة .
[ ص: 913 ] ولذلك قال ، عن مسعر الحكم ، عن مقسم ، عن : أن ابن عباس علي يوم بدر ، وهو ابن عشرين سنة . رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دفع الراية إلى
قال الحاكم : هذا على شرط البخاري ومسلم .
وأما حديث الأجلح ، عن ، عن عبد الله بن أبي الهذيل علي - رضي الله [ ص: 914 ] عنه قال : " ما أعرف أحدا من هذه الأمة عبد الله بعد نبيها غيري ، عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة سبع سنين " ، فالأجلح وإن كان صدوقا ، فإنه شيعي .
[ ص: 915 ] [ ص: 916 ] [ ص: 917 ] [ ص: 918 ] وهذا الحديث معلوم بطلانه بالضرورة : فإن عليا - رضي الله عنه - لم يعبد الله قبل جميع الصحابة سبع سنين بحيث بقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد المبعث سبع سنين لم يستجب له أحد في هذه المدة ، هذا معلوم بطلانه قطعا عند الخاصة ، والعامة ، اللهم إلا أن يريد قبل المبعث كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتعبد بغار حراء قبل أن يوحى إليه ، ومع [ ص: 919 ] ذلك فلا يصح هذا ؛ لأنه إذا كان قد عبد الله قبل المبعث سبع سنين فلا بد أن يكون في سن من يميز عند العبادة ، فأقل ما يكون له سبع سنين إذ ذاك فيكون المبعث قد قام ، وله أربع عشرة سنة ، وأقام بمكة بعد المبعث ثلاث عشرة ، فهذه سبع وعشرون سنة ، وكانت بدر في السنة الثانية ، فيكون سنه يوم أخذ الراية ثلاثين إلا سنة ، فيكون - رضي الله عنهما - قد حطه من عمره إذ ذاك تسع سنين . ابن عباس
قلت : ولعل لفظه " صليت قبل الناس لسبع سنين " فقصرت اللام فأسقطها الكاتب فصارت " سبع سنين " ، فهذا محتمل وهو أقرب ما يحمل عليه الحديث إن صح .
وبالجملة ، فلا ريب أنه أسلم قبل البلوغ .
أما على قول ، عن ابن عيينة ، عن أبيه : إن جعفر بن محمد عليا قتل وهو ابن ثمان وخمسين سنة ، فظاهر ، فإنه قتل سنة أربعين ، فيكون له وقت [ ص: 920 ] المبعث خمس سنين ، ولعل هذا مأخذ : إذ صحح إسلام الصبي لخمس سنين . أبي بكر بن أبي شيبة
وأما على قول حسن بن زيد بن علي ، عن جعفر ، عن أبيه : إنه قتل وله ثلاث وستون سنة ، فيكون له وقت المبعث عشر سنين : تابعه ، أبو إسحاق السبيعي . وأبو بكر بن عياش
وقال : أخبرني ابن جريج محمد بن عمر بن علي : أن عليا توفي لثلاث وستين أو أربع وستين .
[ ص: 921 ] وأرفع ما قيل في وفاته ما رواه خباب بن علي ، عن معروف ، عن أبي جعفر أنه هلك وله خمس وستون سنة ، وعلى هذا ، فيكون له عند المبعث اثنتا عشرة سنة ، ولكن يبطل هذا ما قدمنا عن - رضي الله عنهما - : أن ابن عباس علي - رضي الله عنه - يوم بدر ، وله عشرون سنة والله أعلم . رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دفع الراية إلى