[ ص: 969 ] 181 - فصل
[
nindex.php?page=treesubj&link=30239ضلال القدرية في معنى ( الفطرة ) والرد عليهم ] .
قال شيخنا : واعلم أن هذا الحديث لما صارت
القدرية يحتجون به على قولهم الفاسد ، صار الناس يتأولونه تأويلات يخرجونه بها عن مقتضاه ،
فالقدرية من
المعتزلة ، وغيرهم يقولون : كل مولود يولد على الإسلام ، والله لا يضل أحدا ، ولكن أبواه يضلانه ، والحديث حجة عليهم من وجهين :
أحدهما : أنه عند
المعتزلة وغيرهم من المتكلمين لم يولد أحد منهم على الإسلام أصلا ، ولا جعل الله أحدا مسلما ، ولا كافرا ، ولكن هذا أحدث لنفسه الكفر ، وهذا أحدث لنفسه الإسلام ، والله لم يفعل واحدا منهما عندهم بلا نزاع عند
القدرية ، ولكن هو دعاهما إلى الإسلام ، وأزاح عللهما ، وأعطاهما قدرة مماثلة فيهما تصلح للإيمان ، والكفر ، ولم يختص المؤمن بسبب يقتضي حصول الإيمان ، فإن ذلك عندهم غير مقدور ، ولو كان مقدورا لكان ظلما ، وهذا قول عامة
المعتزلة ، وإن كان بعض متأخريهم
كأبي الحسين يقول : إنه خص المؤمن بداعي الإيمان ، ويقول : عند الداعي
[ ص: 970 ] والقدرة يجب وجود الإيمان ، فهذا في الحقيقة موافق لأهل السنة ، فهذا أحد الوجهين .
الثاني : أنهم يقولون إن معرفة الله لا تحصل إلا بالنظر المشروط بالعقل ، فيستحيل أن تكون المعرفة عندهم ضرورية ، أو تكون من فعل الله تعالى ، وإن احتجت
القدرية بقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345002فأبواه يهودانه ، وينصرانه ، ويمجسانه " من جهة كونه أضاف التغيير إلى الأبوين ، يقال لهم : أنتم تقولون إنه لا يقدر الله ولا أحد من مخلوقاته على أن يجعلهما يهوديين ولا نصرانيين ، ولا مجوسيين ، بل هما فعلا بأنفسهما ذلك بلا قدرة من غيرهما ، ولا فعل من غيرهما ، فحينئذ لا حجة لكم في قوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345002فأبواه يهودانه ، وينصرانه ، ويمجسانه " .
وأهل السنة متفقون على أن غير الله لا يقدر على جعل الهدى ، والضلال في قلب أحد ، فقد اتفقت الأمة على أن المراد بذلك دعوة الأبوين إلى ذلك ، وترغيبهما فيه ، وتربية الولد عليه ، كما يفعل المعلم بالصبي ، وذكر الأبوين بناء على الغالب المعتاد ، وإلا فقد يقع ذلك من أحدهما ، ومن غيرهما حقيقة وحكما .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=17032محمد بن نصر : واحتج
ابن قتيبة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ) ، فأجابوا بكلام شاهدين مقرين على أنفسهم بأن الله
[ ص: 971 ] ربهم ، ثم ولدوا على ذلك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=17032محمد بن نصر : فقوله : " ثم ولدوا على ذلك " زيادة منه ليست في الكتاب ، ولا جاءت في شيء من الأخبار .
وسنذكر الأخبار المروية في تأويل هذه الآية لنبين للناظر فيها أنه لا حجة له فيها ، وأنه لا دليل في شيء منها أن الأطفال يولدون ، وهم عارفون بالله من وقت سقوطهم من بطون أمهاتهم .
قلت : قوله : " ثم ولدوا على ذلك " إن أراد به أنهم ولدوا حال سقوطهم وخروجهم من بطون أمهاتهم عالمين بالله ، وتوحيده ، وأسمائه ، وصفاته فقد أصاب في الرد عليه ، وإن أراد أنهم ولدوا على حكم ذلك الأخذ ، وأنهم لو تركوا لما عدلوا عنه إذا عقلوا ، فهو الصواب الذي لا يرد .
قال
محمد : فمن أجل ما روي في تأويل هذه الآية حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : حدثنا
يحيى قال : قرأت على
مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15941زيد بن أبي أنيسة ، عن
عبد الحميد بن عبد الرحمن بن
[ زيد ] بن الخطاب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17085مسلم بن يسار الجهني nindex.php?page=hadith&LINKID=10350471أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سئل عن هذه الآية : ( nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم ) ، فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عنها ؟ فقال : " إن الله تعالى خلق آدم ، ثم مسح ظهره بيمينه ، فاستخرج منه ذرية ، فقال : خلقت هؤلاء للجنة ، وبعمل أهل الجنة يعملون ، ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال : خلقت هؤلاء للنار ، وبعمل أهل النار يعملون ، فقال رجل : يا رسول الله ففيم [ ص: 972 ] العمل ؟
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من عمل أهل الجنة فيدخل به الجنة ، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار ، فيدخل به النار .
[ ص: 973 ] [ ص: 974 ] حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14327محمد بن يحيى ، ثنا
محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي ، عن أبيه ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=15941زيد بن أبي أنيسة ، عن
عبد الحميد بن عبد الرحمن ، عن
مسلم بن يسار ، عن
نعيم بن ربيعة الأزدي ، قال
مسلم : سألت
نعيما ، عن هذه الآية ، فقال
نعيم : كنت عند
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فجاء رجل فسأله عنها ؟ فقال . . . الحديث ، وهذا يبين علة الحديث الأول ، وأن
مسلم بن يسار لم يسمعه من
عمر .
[ ص: 975 ] قال : وحدثنا
إسحاق ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=15738حكام بن سلم ، عن
عنبسة ، عن
[
عمارة ] بن عمير ، عن
أبي محمد رجل من أهل
المدينة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350472سألت nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب عن قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم ) [ ص: 976 ] فقال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها كما سألتني ، فقال : " خلق الله آدم بيده ، ونفخ فيه من روحه ، ثم أجله فمسح ظهره ، فأخرج ذرا ، فقال : ذر ذراتهم للجنة يعملون بما شئت من عمل ، ثم أختم لهم بأحسن أعمالهم فأدخلهم الجنة ، ثم مسح ظهره فأخرج ذرا ، فقال : ذر ذراتهم للنار يعملون بما شئت من عمل ، ثم أختم لهم بأسوأ أعمالهم فأدخلهم النار " .
قلت : هذا الحديث أدخله
مالك في " موطئه " على ما فيه من العلة ، ونحن نذكر علته .
قال
الترمذي : هذا حديث حسن ،
مسلم بن يسار لم يسمعه من
عمر ، وقد ذكر بعضهم في هذا الإسناد بين
مسلم بن يسار وبين
عمر رجلا
[ مجهولا ] .
[ ص: 977 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15762أبو القاسم حمزة بن محمد الكناني : لم يسمع
مسلم بن يسار هذا من
عمر ، رواه عن
نعيم ، عن
عمر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12211ابن أبي خيثمة : قرأت على
nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين حديث
مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15941زيد بن أبي أنيسة ، فكتب بيده على
مسلم بن يسار : " لا يعرف " .
[ ص: 978 ] وقال
أبو عمر : " هذا حديث منقطع بهذا الإسناد ؛ لأن
مسلم بن يسار هذا لم يلق
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، وبينهما في هذا الحديث
نعيم بن ربيعة ، وهذا أيضا - مع هذا الإسناد - لا تقوم به حجة ،
ومسلم بن يسار هذا مجهول ، قيل : إنه مدني ، وليس
nindex.php?page=showalam&ids=17083بمسلم بن يسار البصري " .
قال : " وجملة القول في هذا الحديث أنه حديث ليس إسناده بالقائم ؛ لأن
مسلم بن يسار ونعيم بن ربيعة جميعا غير معروفين بحمل العلم .
ولكن معنى هذا الحديث قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه ثابتة كثيرة يطول ذكرها من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وغيره . "
[ ص: 979 ] انتهى .
ونحن نذكر بعض تلك الأحاديث .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية بن الوليد قال : أخبرني
الزبيدي محمد بن الوليد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15880راشد بن سعد ، عن
عبد الرحمن بن قتادة [ ص: 980 ]
[ النصري ] ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=8859هشام بن حكيم بن حزام :
أن رجلا قال : يا رسول الله ، أتبتدأ الأعمال ، أم قد قضي القضاء ؟ فقال : " إن الله لما أخرج ذرية آدم من ظهره أشهدهم على أنفسهم ، ثم أفاض بهم في كفيه فقال : هؤلاء للجنة ، وهؤلاء للنار ، فأهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة ، وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار .
أخبرنا
عبد الصمد ، ثنا
حماد ، ثنا [
الجريري ] ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة nindex.php?page=hadith&LINKID=10350474أن رجلا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقال له : أبو عبد الله دخل عليه أصحابه يعودونه ، وهو يبكي ، فقالوا : ما يبكيك ؟ قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن الله قبض قبضة بيمينه ، وأخرى بيده [ ص: 981 ] الأخرى ، فقال : هذه لهذه ، وهذه لهذه ، ولا أبالي " فلا أدري في أي القبضتين أنا .
أخبرنا
عمرو بن محمد ، ثنا
إسماعيل بن رافع ، عن
المقبري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
إن nindex.php?page=treesubj&link=31808الله خلق آدم من تراب ، ثم جعله طينا ، ثم تركه حتى إذا كان حمأ مسنونا ، ثم خلقه ، وصوره ، ثم تركه حتى إذا كان صلصالا كالفخار كان إبليس يمر به فيقول : خلقت لأمر عظيم ، ثم نفخ الله فيه من روحه . قال : يا رب ما ذريتي ؟ قال : اختر يا آدم . قال : أختار يمين ربي - وكلتا يدي ربي يمين - ثم بسط الله [ ص: 982 ] كفه فإذا كل من هو كائن من ذريته في كف الرحمن " .
أخبرنا
النضر ، أخبرنا
أبو معشر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد المقبري ،
ونافع مولى الزبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350476لما أراد الله أن يخلق آدم - فذكر خلق آدم - فقال له : يا آدم ، أي يدي أحب إليك أن أريك ذريتك فيها ؟ فقال : يمين ربي - وكلتا يدي ربي يمين - فبسط يمينه ، فإذا فيها ذريته كلهم : ما هو خالق إلى يوم القيامة ، الصحيح على هيئته ، والمبتلى على هيئته ، والأنبياء على هيئاتهم ، فقال : ألا أغنيتهم كلهم ؟ فقال : إني أحببت أن أشكر . . . . " وذكر
[ ص: 983 ] الحديث .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17032محمد بن نصر : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14327محمد بن يحيى ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15974سعيد بن أبي مريم ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17000ابن عجلان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام قال : خلق الله
آدم ، ثم قال : بيديه ، فقبضهما ، فقال : اختر يا
آدم ، فقال : اخترت يمين ربي ، وكلتا يديك يمين ، فبسطها ، فإذا فيها ذريته ، فقال من هؤلاء يا رب ؟ قال : من قضيت أن أخلق من ذريتك من أهل الجنة إلى أن تقوم الساعة .
[ ص: 984 ] حدثنا
إسحاق ، ثنا
جعفر بن عون الخزاعي ، أخبرنا
هشام بن
[ سعد ] ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة . . . " وذكر الحديث .
[ ص: 985 ] ثنا
إسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=16707وعمرو بن زرارة قال : أنا
إسماعيل ، عن
كلثوم بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم ) الآية ، قال : مسح ربك ظهر
آدم فخرجت منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة ، بـ "
نعمان " هذا الذي وراء
عرفة فأخذ ميثاقهم ألست بربكم ؟ قالوا : بلى شهدنا .
ثنا
إسحاق ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، ثنا
ربيعة بن كلثوم بن جبر ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم ) الآية ، قال : مسح الله ظهر
آدم وهو
ببطن نعمان - واد - إلى جنب
عرفة فأخرج من ظهر
آدم ذريته
[ ص: 986 ] فأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ؟ قالوا : بلى شهدنا .
ثم ساقه
إسحاق من طرق متعددة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - ثم قال :
أخبرنا
المخزومي - وهو المغيرة بن سلمة - ثنا
أبو هلال ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11969أبي جمرة الضبعي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : مسح الله ظهر
آدم ، فأخرج
[ ص: 987 ] ذريته في
[ آذي ] من الماء .
أخبرنا
جرير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن
مسلم البطين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : مسح الله ظهر
آدم ، فخرجت منه كل ذرية بددا إلى يوم القيامة فعرضوا عليه .
[ ص: 988 ] حدثنا
الملائي ، ثنا
المسعودي ، عن
علي بن بذيمة ، عن
سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وإذ أخذ ربك من بني آدم ) الآية ، قال : إن الله أخذ على
آدم ميثاقه أنه ربه ، وكتب أجله ورزقه ومصيباته ، ثم أخرج من ظهره ولده كهيئة الذر ، فأخذ عليهم الميثاق أنه ربهم ، فكتب أجلهم ورزقهم ومصيباتهم .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15683حبيب بن أبي ثابت ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : مسح الله ظهر
آدم ، فأخرج كل طيب في يمينه ، وفي يده الأخرى كل خبيث .
[ ص: 989 ] ثنا
يحيى ، ثنا
المسعودي ، أخبرني
علي بن بذيمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - في هذه الآية قال : خلق الله
آدم ، فأخذ ميثاقه أنه ربه ، وكتب أجله ورزقه ومصيبته ، ثم أخرج ولده من ظهره كهيئة الذر ، فأخذ مواثيقهم أنه ربهم ، فكتب آجالهم ، وأرزاقهم ، ومصيباتهم .
وقال
عبد الرزاق : حدثنا
معمر ، عن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - في هذه الآية قال : مسح الله على صلب
آدم ، فأخرج من صلبه ما يكون من ذريته إلى يوم القيامة ، وأخذ ميثاقهم أنه ربهم فأعطوه ذلك ، فلا يسأل أحدا - كافرا أو غيره - من ربك ؟ إلا قال : الله .
قال
معمر : وكان
الحسن يقول مثل ذلك .
[ ص: 990 ] قال
إسحاق : وأخبرنا
جرير ، عن
منصور ، عن
مجاهد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وإذ أخذ ربك من بني آدم ) الآية ، قال : أخذهم كما يؤخذ بالمشط من الرأس .
[ ص: 991 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=17032محمد بن نصر : وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14418الحسن بن محمد الزعفراني ، ثنا
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
الزبير بن موسى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : إن الله تعالى ضرب منكب
آدم الأيمن ، فخرجت كل نفس مخلوقة للجنة بيضاء نقية ، فقال : هؤلاء أهل الجنة ، ثم ضرب منكبه الأيسر ، فخرجت كل نفس مخلوقة للنار سوداء ، فقال : هؤلاء أهل النار ، ثم أخذ عهدهم على الإيمان به ، والمعرفة له ، وبأمره ، والتصديق له وبأمره من بني
آدم كلهم ، وأشهدهم على أنفسهم ، فآمنوا ، وصدقوا ، وعرفوا ، وأقروا .
[ ص: 992 ] قال
إسحاق : وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15903روح بن عبادة ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16994محمد بن عبد الملك ، عن أبيه ، عن
الزبير بن موسى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - بهذا الحديث ، وزاد : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : وبلغني أنه أخرجهم على كفه أمثال الخردل .
قال
إسحاق : وحدثنا حكام بن سلم الرازي ، حدثنا
أبو جعفر الرازي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس ، عن
أبي العالية ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب في قوله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وإذ أخذ ربك من بني آدم ) الآية ، قال : جمعهم يومئذ جمعا ، ما هو كائن إلى يوم القيامة ، فجعلهم أرواحا ، ثم صورهم ، ثم استنطقهم ، وتكلموا ، وأخذ عليهم العهد والميثاق ، وأشهدهم على أنفسهم . قال : فإني أشهد عليكم السماوات والأرضين السبع ، وأشهد عليكم أباكم
آدم ، أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم هذا . اعلموا أنه لا إله غيري ، ولا رب غيري ، ولا تشركوا بي شيئا ، فإني سأرسل إليكم رسلا يذكرونكم عهدي ، وميثاقي ، وأنزل عليكم كتبي . قالوا : نشهد أنك ربنا وإلهنا ، ولا رب غيرك ، ولا إله لنا غيرك . فأقروا يومئذ بالطاعة ، ورفع لهم أبوهم
آدم ، فنظر ، فرأى فيهم الغني والفقير ، وحسن الصورة ودون ذلك ، فقال : يا رب ، لو سويت بين عبادك ! فقال : إني أحببت أن أشكر ، ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج عليهم النور ، وخصوا بميثاق آخر في الرسالة والنبوة ، فهو الذي يقول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=7وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ) . . .
[ ص: 993 ] إلى قوله : . . . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=7غليظا ) ، وهو الذي يقول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ) ، فلذلك قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=56هذا نذير من النذر الأولى ) ، وفي ذلك قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=102وما وجدنا لأكثرهم من عهد ) ، وفي ذلك قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل ) ، كان في علمه يوم أقروا بما أقروا به ، ومن يكذب به ومن يصدق .
قال : وكان روح
عيسى من تلك الأرواح التي أخذ عليها العهد والميثاق في زمن
آدم ، فأرسل ذلك إلى
مريم حتى (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=16انتبذت من أهلها ) . . . ، إلى قوله : . . . ( حملته ) . . . ، حملت الذي خاطبها ، وهو روح
عيسى .
[ ص: 994 ] [ ص: 995 ] [ ص: 996 ] وفي تفسير
أسباط بن نصر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن
أبي مالك ، وعن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وعن nindex.php?page=showalam&ids=17058مرة الهمداني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وعن أناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وإذ أخذ ربك ) . . . الآية ، قال : لما أخرج الله آدم من الجنة قبل أن يهبط من السماء مسح صفحة ظهر آدم اليمنى ، فأخرج منه ذرية بيضاء مثل اللؤلؤ ، وكهيئة الذر ، فقال لهم : ادخلوا الجنة برحمتي ، ومسح صفحة ظهره اليسرى ، فأخرج منه ذرية سوداء كهيئة الذر ، فقال : ادخلوا النار ، ولا أبالي ، فذلك حين يقول : (nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=27وأصحاب اليمين ) ، : ( nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=41وأصحاب الشمال ) ، ثم أخذ منهم الميثاق فقال : ( nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172ألست بربكم قالوا بلى ) ، فأعطاه طائفة طائعين ، وطائفة كارهين ، فقالت الملائكة : ( nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=173أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون ) فلذلك ليس أحد من ولد آدم إلا وهو يعرف أن ربه الله ، ولا مشرك إلا وهو يقول : ( nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22إنا وجدنا آباءنا على أمة ) ، فلذلك قول الله عز وجل : ( nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وإذ أخذ ربك ) الآية ، وذلك حين يقول : ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها ) ، وذلك حين يقول : ( nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=149قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين ) قال : يعني يوم أخذ عليهم الميثاق .
[ ص: 997 ] قال
إسحاق : وأخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=15903روح بن عبادة ، ثنا
موسى بن عبيدة الربذي قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي يقول في هذه الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وإذ أخذ ربك من بني آدم ) ، فأقروا له بالإيمان ، والمعرفة : الأرواح قبل أن يخلق أجسادها .
قال
إسحاق : وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14553الفضل بن موسى ، عن
عبد الملك ، عن
عطاء قال :
[ ص: 998 ] أخرجوا من صلب
آدم حين أخذ منهم الميثاق ، ثم ردوا في صلبه .
قال
إسحاق : وأخبرنا
علي بن الأجلح ، عن
الضحاك قال : إن الله أخرج من ظهر
آدم يوم خلقه ما يكون إلى أن تقوم الساعة ، فأخرجهم مثل الذر ، فقال : ألست بربكم ؟ قالوا : بلى ، قالت الملائكة : شهدنا أن يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ، ثم قبض قبضة بيمينه ، فقال : هؤلاء في الجنة ، وقبض أخرى ، فقال : هؤلاء في النار .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=17032محمد بن نصر : وحدثنا
بندار ، ثنا
أبو أحمد ، ثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس ، عن
أبي العالية في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها )
[ ص: 999 ] قال : أخذه الميثاق .
قال
محمد : فقد ذكرنا ما حضرنا من الأخبار المروية عن السلف في تأويل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وإذ أخذ ربك من بني آدم ) الآية ، وليس في شيء منها أن الطفل يسقط من بطن أمه وهو عارف بالله ، ولا في شيء منها دليل على ذلك .
قلت :
أبو محمد لم يرد أنهم ولدوا عارفين بالله معرفة حاصلة معهم بالفعل ، وإنما أراد أنهم ولدوا على حكم تلك الفطرة والميثاق الذي أخذ عليهم بحيث لو خلوا وفطرهم لما عدلوا عن موجب ذلك .
[ ص: 1000 ] قال
محمد : فيقال له : هل عندك من دليل يدل على أن الفطرة التي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350479أن كل مولود يولد عليها " هي المعرفة بالله ؟ أو هل يحكى عن أحد من السلف أنه قال ذلك ؟ أو هل يدل على ذلك بقياس ؟ فإن أتى بشيء من هذه الدلائل ، وإلا بان باطل دعواه .
فإن هو رجع إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ) الآية ، فقال : استشهاد الله ذرية
آدم على أنه ربهم دليل على أن معرفة ذلك متقدمة عندهم كما استشهدهم عليه ، فهذه غاية حجته عند نفسه .
قال : لأن كل مستشهد على شيء لم تتقدم المعرفة عنده بما استشهد عليه قبل الاستشهاد ، فإن المستشهد دعاه إلى أن شهد بقول الزور ، والله لا يأمر أحدا بذلك .
فيقال له : إن إجابتك عن غير ما تسأل عنه ، واحتجاجك له هو الدليل على عجزك ، وعلى أنه لا حجة لك ، إنا لم نسألك عن الوقت الذي استشهدهم الله فيه ، وقال لهم : ألست بربكم ؟ فأجابوه بأن قالوا : بلى - هل كانوا عارفين في ذلك الوقت أم لا - إنما سألناك عن وقت سقوطهم من بطون أمهاتهم : هل عندك حجة تثبت أنهم في ذلك الوقت عارفون ؟
فإن قال : إن ثبوت المعرفة لهم في ذلك الوقت دليل على أنهم ولدوا على ذلك ، فهم في وقت الولادة على ما كانوا عليه قبل ذلك .
[ ص: 1001 ] قيل له : فقد كانوا في ذلك الوقت مقرين أيضا ، وذلك أن الله عز وجل أخبر أنه قال : ألست بربكم ؟ قالوا : بلى ، والله عز وجل لا يخاطب إلا من يفهم عند المخاطبة ، ولا يجيب إلا من فهم السؤال ، فإجابتهم إياه بقولهم دليل على أنهم قد فهموا عن الله ، وعقلوا عنه استشهاده إياهم : ألست بربكم ، فأجابوه من بعد عقلهم للمخاطبة وفهمهم لها بأن قالوا : بلى ، فأقروا له بالربوبية .
فيقال له : فهكذا تقول : إن الطفل إذا سقط من بطن أمه فهو من ساعته يفهم المخاطبة إن خوطب ، ويجيب عنها ، ويقر له بالربوبية ، كإقرار الذين أقروا له بالربوبية في الوقت الذي أخذ عليهم الميثاق ، فإن قال : " نعم " كابر عقله وأكذبه العيان ، وإن قال : " لا " أقول : ذلك فرق بين الوقتين ، فجعل حالهم في وقت الولادة خلاف حالهم في الوقت الأول عند أخذ الميثاق منهم ، فيقال له : فكذلك جائز أن يكونوا في الوقت الأول عارفين ، وهم في وقت الولادة غير عارفين كما كانوا في الوقت الأول ، فقد فهموا المخاطبة ، وعقلوها ، وأجابوا مقرين لله بالربوبية ، وهم في وقت الولادة على خلاف ذلك .
قلت : كل من قال بأن العهد الذي أخذ عليهم هو أنهم أخرجوا من صلب
آدم وخوطبوا ، وأقروا له بالربوبية ، ثم ردوا في صلبه ، فإنه يفرق بين حالهم ذلك الوقت وحالهم وقت الولادة قطعا ، ولا يقول
ابن قتيبة ولا غيره : إنهم ولدوا عارفين فاهمين يفهمون السؤال ، ويردون الجواب ، فالأقسام أربعة :
أحدها : استواء حالتهم وقت أخذ العهد ، ووقت سقوطهم - في
[ ص: 1002 ] العلم والمعرفة .
الثاني : استواء الوقتين في عدم ذلك .
الثالث : حصول المعرفة عند السقوط ، وعدمها عند أخذ العهد ، وهذه الأقسام الثلاثة باطلة لا يقول بواحد منها .
الرابع : معرفتهم وفهمهم وقت أخذ العهد دون وقت السقوط ، وهذا يقوله كل من يقول : إنه أخرجهم من صلب أبيهم
آدم ، وكلمهم ، وخاطبهم ، وأشهد عليهم ملائكته ، وأشهدهم على أنفسهم ، ثم ردهم في صلبه .
وهذا قول جماهير من السلف والخلف ، واعتمدوا على ما ذكرنا من هذه الآثار مرفوعها وموقوفها .
وأحسن شيء فيها حديث
مسلم بن يسار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، وقد ذكرنا كلام الأئمة فيه ، على أن
إسحاق قد رواه عن
nindex.php?page=showalam&ids=15738حكام بن سلم ، عن
[
عمارة ] بن عمير ، عن
أبي محمد رجل من أهل
المدينة قال :
سألت nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن هذه الآية ، فقال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها ، فقال : " خلق الله آدم بيده ونفخ فيه من روحه ، ثم أجلسه فمسح ظهره ، فأخرج ذرا ، فقال : ذر ذراتهم للجنة يعملون بما شئت من عمل ، ثم أختم لهم بأحسن أعمالهم فأدخلهم الجنة ، ثم مسح ظهره ، فأخرج ذرا ، فقال : ذر ذراتهم للنار يعملون بما شئت من عمل ، ثم أختم لهم بأسوأ أعمالهم ، فأدخلهم النار " ، فهذا لا ذكر فيه لمخاطبتهم ، وسؤالهم
[ ص: 1003 ] واستنطاقهم ، وهو موافق لسائر الأحاديث ، ويشبه أن يكون هو المحفوظ عن
عمر - رضي الله عنه .
وأما سائر الأحاديث فالمرفوع الصحيح منها إنما فيه إثبات القبضتين ، وتمييز أهل السعادة من أهل الشقاوة قبل إخراجهم إلى دار التكليف : مثل الحديث الذي رواه
أحمد ، عن
عبد الصمد ، ثنا
حماد ، ثنا
[
الجريري ] ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350481عن nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة أن رجلا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقال له : أبو عبد الله دخل عليه أصحابه يعودونه ، وهو يبكي ، فقالوا له : ما يبكيك ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن الله قبض قبضة بيمينه ، وأخرى بيده الأخرى ، فقال : هذه لهذه ، وهذه لهذه ، ولا أبالي " فلا أدري في أي القبضتين أنا !
وكذلك حديث
المقبري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - يرفعه - الذي تقدم هو وغيره من الأحاديث التي فيها : "
إن الله أخرج ذرية آدم من ظهره ، وأراه إياهم ، وجعل أهل السعادة في قبضته اليمنى ، وأهل الشقاوة في القبضة الأخرى " .
[ ص: 1004 ] وأما الآثار التي فيها أنه استنطقهم ، وأشهدهم ، وخاطبهم فهي بين موقوفة ، ومرفوعة لا يصح إسنادها كحديث
مسلم بن يسار ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=8859هشام بن حكيم بن حزام : فإن في إسناده
nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية بن الوليد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15880وراشد بن سعد ، وفيهما مقال ،
[
وقتادة النصري ، ] وهو مجهول .
[ ص: 1005 ] [ ص: 1006 ] وبالجملة ، فالآثار في إخراج الذرية من ظهر
آدم ، وحصولهم في القبضتين كثيرة لا سبيل إلى ردها ، وإنكارها ، ويكفي وصولها إلى التابعين ، فكيف بالصحابة ؟ ومثلها لا يقال بالرأي والتخمين ، ولكن الذي دل عليه الصحيح من هذه الآثار إثبات القدر ، وأن الله علم ما سيكون قبل أن يكون ، وعلم الشقي والسعيد من ذرية
آدم ، وسواء كان ما استخرجه فرآه
آدم هو أمثالهم ، أو أعيانهم ، فأما نطقهم فليس في شيء من الأحاديث التي تقوم بها الحجة ، ولا يدل عليه القرآن : فإن القرآن يقول فيه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم ) فذكر الأخذ من ظهور بني
آدم لا من نفس ظهر
آدم ، " وذريتهم " يتناول كل من ولدوه إن
[ ص: 1007 ] [ ص: 1008 ] كان كثيرا ، كما قال في تمام الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=173أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم ) ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=33إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=34ذرية بعضها من بعض ) ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=3ذرية من حملنا مع نوح ) ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=84ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون ) ، فاسم " الذرية " يتناول الكبار ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ) ، فشهادة المرء على نفسه في القرآن يراد بها إقراره ، فمن أقر بحق عليه فقد شهد به على نفسه .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين ) ، كما احتج الفقهاء بذلك على صحة الإقرار .
وفي حديث
ماعز بن مالك : " فلما
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350483شهد على نفسه أربع مرات " أي
[ ص: 1009 ] أقر أربع مرات ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=17ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر ) ، فإنهم كانوا مقرين بما هو كفر ، فكان ذلك شهادتهم على أنفسهم .
ومنه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=130ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ) ، فشهادتهم على أنفسهم هي إقرارهم وهي أداء الشهادة على أنفسهم ، ولفظ " شهد فلان " ، و " أشهد به " يراد به تحمل الشهادة ، ويراد به أداؤها .
فالأول كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2وأشهدوا ذوي عدل منكم ) .
والثاني : كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم ) .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وأشهدهم على أنفسهم ) ، من هذا الثاني ليس المراد : أنه جعلهم يتحملون الشهادة على أنفسهم ، ويؤدونها في وقت آخر ، فإنه سبحانه في مثل ذلك إنما يشهد على الرجل غيره ، كما في قصة
آدم ، لما
[ ص: 1010 ] أشهد عليه الملائكة ، وكما في شهادة الملائكة ، وشهادة الجوارح على أصحابها ، ولهذا قال بعض المفسرين : المعنى ( أشهد بعضهم على بعض ) ، لكن هذا اللفظ حيث جاء في القرآن إنما يراد به شهادة الرجل على نفسه ، بمعنى أداء الشهادة على نفسه ، وقولهم "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172بلى شهدنا " : هو إقرارهم بأنه ربهم ، ومن أخبر بأمر عن نفسه فقد شهد به على نفسه ، فإن قولهم : "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172بلى شهدنا " معناه : أنت ربنا ، وهذا إقرار منهم بربوبيته لهم ، وجعلهم شهداء على أنفسهم بما أقروا به ، وقوله : " أشهدهم " يقتضي أنه هو الذي جعلهم شاهدين على أنفسهم بأنه ربهم ، وهذا الإشهاد مقرون بأخذهم من ظهور آبائهم ، وهذا الأخذ المعلوم المشهود الذي لا ريب فيه هو أخذ المني من أصلاب الآباء ، ونزوله في أرحام الأمهات ، لكن لم يذكر هنا الأمهات ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=173أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم ) ، وهم كانوا متبعين لدين آبائهم لا لدين الأمهات ، كما قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22إنا وجدنا آباءنا على أمة ) ، ولهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=24أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم ) ، فهو سبحانه يقول : اذكر حين أخذوا من أصلاب الآباء فخلقوا حين ولدوا على الفطرة مقرين بالخالق ، شاهدين على أنفسهم بأن الله ربهم ، فهذا الإقرار حجة لله عليهم يوم القيامة ، فهو يذكر أخذه لهم ، وإشهاده إياهم على أنفسهم ، فإنه سبحانه خلق فسوى ، وقدر فهدى ، فأخذهم يتضمن خلقهم ، والإشهاد يتضمن هداه لهم إلى هذا
[ ص: 1011 ] الإقرار ، فإنه قال : " أشهدهم " أي جعلهم شاهدين ، فهذا الإشهاد من لوازم الإنسان ، وكل إنسان جعله الله مقرا بربوبيته شاهدا على نفسه بأنه مخلوق ، والله خالقه ، وهذا أمر ضروري لبني
آدم لا ينفك منه مخلوق ، وهو مما جبلوا عليه ، فهو علم ضروري لهم لا يمكن أحدا جحده ، ثم قال بعد ذلك : ( أن تقولوا ) ، أي كراهية أن تقولوا ، أو لئلا تقولوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172إنا كنا عن هذا غافلين ) ، أي عن هذا الإقرار لله بالربوبية ، وعلى نفوسنا بالعبودية ، فإنهم ما كانوا غافلين عن هذا ، بل كان هذا من العلوم الضرورية اللازمة لهم التي لم يخل منها بشر قط ، بخلاف كثير من العلوم التي قد تكون ضرورية ، ولكن قد يغفل عنها كثير من بني
آدم من علوم العدد والحساب وغير ذلك ، فإنها إذا تصورت كانت علوما ضرورية ، لكن كثيرا من الناس غافل عنها .
وأما الاعتراف بالخالق فإنه علم ضروري لازم للإنسان لا يغفل عنه أحد بحيث لا يعرفه ، بل لا بد أن يكون قد عرفه ، وإن قدر أنه نسيه . ولهذا يسمى التعريف بذلك تذكيرا ، فإنه تذكير بعلوم فطرية ضرورية ، وقد ينساها العبد كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=19ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ) ، وفي الحديث الصحيح : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350484يقول الله للكافر : فاليوم أنساك كما نسيتني " .
[ ص: 1012 ] ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=173أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون ) ، فذكر سبحانه لهم حجتين يدفعهما هذا الإشهاد :
إحداهما : أن يقولوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172إنا كنا عن هذا غافلين ) ، فبين أن هذا علم فطري ضروري لا بد لكل بشر من معرفته ، وذلك يتضمن حجة الله في إبطال التعطيل ، وأن القول بإثبات الصانع علم فطري ضروري ، وهو حجة على نفي التعطيل .
والثاني : أن يقولوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=173إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون ) ، وهم آباؤنا المشركون : أي أفتعاقبنا بذنوب غيرنا ؟ فإنه لو قدر أنهم لم يكونوا عارفين بأن الله ربهم ووجدوا آباءهم مشركين ، وهم ذرية من بعدهم ، ومقتضى الطبيعة العادية أن يحتذي الرجل حذو أبيه حتى في الصناعات ، والمساكن ، والملابس ، والمطاعم إذ كان هو الذي رباه ، ولهذا كان أبواه يهودانه ، وينصرانه ، ويمجسانه ، فإذا كان هذا مقتضى العادة والطبيعة ، ولم يكن في فطرهم وعقولهم ما يناقض ذلك ، قالوا : نحن معذورون ، وآباؤنا هم الذين أشركوا ، ونحن كنا ذرية لهم بعدهم ، ولم يكن عندنا ما يبين خطأهم : فإذا كان في فطرهم ما شهدوا به من أن الله وحده هو ربهم ، كان معهم ما يبين بطلان هذا الشرك ، وهو التوحيد الذي شهدوا به على أنفسهم .
فإذا احتجوا بالعادة الطبيعية من اتباع الآباء كانت الحجة عليهم الفطرة الطبيعية الفعلية السابقة لهذه العادة الطارئة ، وكانت الفطرة الموجبة
[ ص: 1013 ] للإسلام سابقة للتربية التي يحتجون بها ، وهذا يقتضي أن نفس العقل الذي به يعرفون التوحيد حجة في بطلان الشرك لا يحتاج ذلك إلى رسول ، فإنه جعل ما تقدم حجة عليهم بدون هذا . وهذا لا يناقض قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) ، فإن الرسول يدعو إلى التوحيد ، ولكن الفطرة دليل عقلي يعلم به إثبات الصانع ، لم يكن في مجرد الرسالة حجة عليهم ، فهذه الشهادة على أنفسهم التي تتضمن إقرارهم بأن الله ربهم ، ومعرفتهم بذلك أمر لازم لكل بني
آدم ، به تقوم حجة الله تعالى في تصديق رسله ، فلا يمكن أحدا أن يقول يوم القيامة إني كنت عن هذا غافلا ، ولا أن الذنب كان لأبي المشرك دوني لأنه عارف بأن الله ربه لا شريك له ، فلم يكن معذورا في التعطيل ، والإشراك بل قام به ما يستحق به العذاب .
ثم إن الله سبحانه - لكمال رحمته وإحسانه - لا يعذب أحدا إلا بعد إرسال الرسول إليه ، وإن كان فاعلا لما يستحق به الذم والعقاب : فلله على عبده حجتان قد أعدهما عليه لا يعذبه إلا بعد قيامهما :
إحداهما : ما فطره عليه ، وخلقه عليه من الإقرار بأنه ربه ، ومليكه وفاطره ، وحقه عليه لازم .
والثانية : إرسال رسله إليه بتفصيل ذلك ، وتقريره وتكميله ، فيقوم عليه شاهد الفطرة ، والشرعة ، ويقر على نفسه بأنه كان كافرا كما قال تعالى :
[ ص: 1014 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=130وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ) ، فلم ينفذ عليهم الحكم إلا بعد إقرار وشاهدين وهذا غاية العدل .
[ ص: 969 ] 181 - فَصْلٌ
[
nindex.php?page=treesubj&link=30239ضَلَالُ الْقَدَرِيَّةِ فِي مَعْنَى ( الْفِطْرَةِ ) وَالرَّدُّ عَلَيْهِمْ ] .
قَالَ شَيْخُنَا : وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمَّا صَارَتِ
الْقَدَرِيَّةُ يَحْتَجُّونَ بِهِ عَلَى قَوْلِهِمُ الْفَاسِدِ ، صَارَ النَّاسُ يَتَأَوَّلُونَهُ تَأْوِيلَاتٍ يُخْرِجُونَهُ بِهَا عَنْ مُقْتَضَاهُ ،
فَالْقَدَرِيَّةُ مِنَ
الْمُعْتَزِلَةِ ، وَغَيْرِهِمْ يَقُولُونَ : كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْإِسْلَامِ ، وَاللَّهُ لَا يُضِلُّ أَحَدًا ، وَلَكِنْ أَبَوَاهُ يُضِلَّانِهِ ، وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ عِنْدَ
الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ لَمْ يُولَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ أَصْلًا ، وَلَا جَعَلَ اللَّهُ أَحَدًا مُسْلِمًا ، وَلَا كَافِرًا ، وَلَكِنَّ هَذَا أَحْدَثَ لِنَفْسِهِ الْكُفْرَ ، وَهَذَا أَحْدَثَ لِنَفْسِهِ الْإِسْلَامَ ، وَاللَّهُ لَمْ يَفْعَلْ وَاحِدًا مِنْهُمَا عِنْدَهُمْ بِلَا نِزَاعٍ عِنْدَ
الْقَدَرِيَّةِ ، وَلَكِنْ هُوَ دَعَاهُمَا إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَأَزَاحَ عِلَلَهُمَا ، وَأَعْطَاهُمَا قُدْرَةً مُمَاثِلَةً فِيهِمَا تَصْلُحُ لِلْإِيمَانِ ، وَالْكُفْرِ ، وَلَمْ يَخْتَصَّ الْمُؤْمِنُ بِسَبَبٍ يَقْتَضِي حُصُولَ الْإِيمَانِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ غَيْرُ مَقْدُورٍ ، وَلَوْ كَانَ مَقْدُورًا لَكَانَ ظُلْمًا ، وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ
الْمُعْتَزِلَةِ ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ مُتَأَخَّرِيهِمْ
كَأَبِي الْحُسَيْنِ يَقُولُ : إِنَّهُ خَصَّ الْمُؤْمِنَ بِدَاعِي الْإِيمَانِ ، وَيَقُولُ : عِنْدَ الدَّاعِي
[ ص: 970 ] وَالْقُدْرَةِ يَجِبُ وُجُودُ الْإِيمَانِ ، فَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ مُوَافِقٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ ، فَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ .
الثَّانِي : أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِالنَّظَرِ الْمَشْرُوطِ بِالْعَقْلِ ، فَيَسْتَحِيلُ أَنْ تَكُونَ الْمَعْرِفَةُ عِنْدَهُمْ ضَرُورِيَّةً ، أَوْ تَكُونَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَإِنِ احْتَجَّتِ
الْقَدَرِيَّةُ بِقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345002فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ، وَيُنَصِّرَانِهِ ، وَيُمَجِّسَانِهِ " مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ أَضَافَ التَّغْيِيرَ إِلَى الْأَبَوَيْنِ ، يُقَالُ لَهُمْ : أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّهُ لَا يَقْدِرُ اللَّهُ وَلَا أَحَدٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ عَلَى أَنْ يَجْعَلَهُمَا يَهُودِيَّيْنِ وَلَا نَصْرَانِيَّيْنِ ، وَلَا مَجُوسِيَّيْنِ ، بَلْ هُمَا فَعَلَا بِأَنْفُسِهِمَا ذَلِكَ بِلَا قُدْرَةٍ مِنْ غَيْرِهِمَا ، وَلَا فِعْلٍ مِنْ غَيْرِهِمَا ، فَحِينَئِذٍ لَا حُجَّةَ لَكُمْ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345002فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ، وَيُنَصِّرَانِهِ ، وَيُمَجِّسَانِهِ " .
وَأَهْلُ السُّنَّةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ غَيْرَ اللَّهِ لَا يَقْدِرُ عَلَى جَعْلِ الْهُدَى ، وَالضَّلَالِ فِي قَلْبِ أَحَدٍ ، فَقَدِ اتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ دَعْوَةُ الْأَبَوَيْنِ إِلَى ذَلِكَ ، وَتَرْغِيبُهُمَا فِيهِ ، وَتَرْبِيَةُ الْوَلَدِ عَلَيْهِ ، كَمَا يَفْعَلُ الْمُعَلِّمُ بِالصَّبِيِّ ، وَذَكَرَ الْأَبَوَيْنِ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ الْمُعْتَادِ ، وَإِلَّا فَقَدَ يَقَعُ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِهِمَا ، وَمِنْ غَيْرِهِمَا حَقِيقَةً وَحُكْمًا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17032مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ : وَاحْتَجَّ
ابْنُ قُتَيْبَةَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ) ، فَأَجَابُوا بِكَلَامِ شَاهِدِينَ مُقِرِّينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ
[ ص: 971 ] رَبُّهُمْ ، ثُمَّ وُلِدُوا عَلَى ذَلِكَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17032مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ : فَقَوْلُهُ : " ثُمَّ وُلِدُوا عَلَى ذَلِكَ " زِيَادَةٌ مِنْهُ لَيْسَتْ فِي الْكِتَابِ ، وَلَا جَاءَتْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ .
وَسَنَذْكُرُ الْأَخْبَارَ الْمَرْوِيَّةَ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ لِنُبَيِّنَ لِلنَّاظِرِ فِيهَا أَنَّهُ لَا حُجَّةَ لَهُ فِيهَا ، وَأَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَنَّ الْأَطْفَالَ يُولَدُونَ ، وَهُمْ عَارِفُونَ بِاللَّهِ مِنْ وَقْتِ سُقُوطِهِمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ .
قُلْتُ : قَوْلُهُ : " ثُمَّ وُلِدُوا عَلَى ذَلِكَ " إِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُمْ وُلِدُوا حَالَ سُقُوطِهِمْ وَخُرُوجِهِمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ عَالِمِينَ بِاللَّهِ ، وَتَوْحِيدِهِ ، وَأَسْمَائِهِ ، وَصِفَاتِهِ فَقَدْ أَصَابَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُمْ وُلِدُوا عَلَى حُكْمِ ذَلِكَ الْأَخْذِ ، وَأَنَّهُمْ لَوْ تُرِكُوا لَمَا عَدَلُوا عَنْهُ إِذَا عَقَلُوا ، فَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يُرَدُّ .
قَالَ
مُحَمَّدٌ : فَمِنْ أَجْلِ مَا رُوِيَ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : حَدَّثَنَا
يَحْيَى قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى
مَالِكٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15941زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ ، عَنْ
عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
[ زَيْدِ ] بْنِ الْخَطَّابِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17085مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ الْجُهَنِيِّ nindex.php?page=hadith&LINKID=10350471أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) ، فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْهَا ؟ فَقَالَ : " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ ، ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ بِيَمِينِهِ ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً ، فَقَالَ : خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ ، وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ ، ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً فَقَالَ : خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ ، وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَفِيمَ [ ص: 972 ] الْعَمَلُ ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " إِنَّ اللَّهَ إِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ عَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ ، وَإِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلنَّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ ، فَيَدْخُلُ بِهِ النَّارَ .
[ ص: 973 ] [ ص: 974 ] حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14327مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ الرُّهَاوِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15941زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ ، عَنْ
عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ
مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ
نُعَيْمِ بْنِ رَبِيعَةَ الْأَزْدِيِّ ، قَالَ
مُسْلِمٌ : سَأَلْتُ
نُعَيْمًا ، عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ ، فَقَالَ
نُعَيْمٌ : كُنْتُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَجَاءَ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْهَا ؟ فَقَالَ . . . الْحَدِيثَ ، وَهَذَا يُبَيِّنُ عِلَّةَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ، وَأَنَّ
مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ
عُمَرَ .
[ ص: 975 ] قَالَ : وَحَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ ، أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15738حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ ، عَنْ
عَنْبَسَةَ ، عَنْ
[
عُمَارَةَ ] بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ
أَبِي مُحَمَّدٍ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350472سَأَلْتُ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) [ ص: 976 ] فَقَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا كَمَا سَأَلْتَنِي ، فَقَالَ : " خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ بِيَدِهِ ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ، ثُمَّ أَجَّلَهُ فَمَسَحَ ظَهْرَهُ ، فَأَخْرَجَ ذَرًّا ، فَقَالَ : ذَرٌّ ذَرَّاتُهُمْ لِلْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ بِمَا شِئْتُ مِنْ عَمَلٍ ، ثُمَّ أَخْتِمُ لَهُمْ بِأَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ ، ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَأَخْرَجَ ذَرًّا ، فَقَالَ : ذَرٌّ ذَرَّاتُهُمْ لِلنَّارِ يَعْمَلُونَ بِمَا شِئْتُ مِنْ عَمَلٍ ، ثُمَّ أَخْتِمُ لَهُمْ بِأَسْوَأِ أَعْمَالِهِمْ فَأُدْخِلُهُمُ النَّارَ " .
قُلْتُ : هَذَا الْحَدِيثُ أَدْخَلَهُ
مَالِكٌ فِي " مُوَطَّئِهِ " عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْعِلَّةِ ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ عِلَّتَهُ .
قَالَ
التِّرْمِذِيُّ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ ،
مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ
عُمَرَ ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بَيْنَ
مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ وَبَيْنَ
عُمَرَ رَجُلًا
[ مَجْهُولًا ] .
[ ص: 977 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15762أَبُو الْقَاسِمِ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ : لَمْ يَسْمَعْ
مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ هَذَا مِنْ
عُمَرَ ، رَوَاهُ عَنْ
نُعَيْمٍ ، عَنْ
عُمَرَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12211ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ : قَرَأْتُ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=17336يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ حَدِيثَ
مَالِكٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15941زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ ، فَكَتَبَ بِيَدِهِ عَلَى
مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ : " لَا يُعْرَفُ " .
[ ص: 978 ] وَقَالَ
أَبُو عُمَرَ : " هَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ ؛ لِأَنَّ
مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ هَذَا لَمْ يَلْقَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، وَبَيْنَهُمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ
نُعَيْمُ بْنُ رَبِيعَةَ ، وَهَذَا أَيْضًا - مَعَ هَذَا الْإِسْنَادِ - لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ ،
وَمُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ هَذَا مَجْهُولٌ ، قِيلَ : إِنَّهُ مَدَنِيٌّ ، وَلَيْسَ
nindex.php?page=showalam&ids=17083بِمُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ الْبَصْرِيِّ " .
قَالَ : " وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ حَدِيثٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَائِمِ ؛ لِأَنَّ
مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ وَنُعَيْمَ بْنَ رَبِيعَةَ جَمِيعًا غَيْرُ مَعْرُوفَيْنِ بِحَمْلِ الْعِلْمِ .
وَلَكِنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ قَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ كَثِيرَةٍ يَطُولُ ذِكْرُهَا مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ . "
[ ص: 979 ] انْتَهَى .
وَنَحْنُ نَذْكُرُ بَعْضَ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12418إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ : أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15550بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ : أَخْبَرَنِي
الزُّبَيْدِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15880رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَتَادَةَ [ ص: 980 ]
[ النَّصْرِيِّ ] ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8859هِشَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ :
أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَتُبْتَدَأُ الْأَعْمَالُ ، أَمْ قَدْ قُضِيَ الْقَضَاءُ ؟ فَقَالَ : " إِنَّ اللَّهَ لَمَّا أَخْرَجَ ذُرِّيَّةَ آدَمَ مِنْ ظَهْرِهِ أَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، ثُمَّ أَفَاضَ بِهِمْ فِي كَفَّيْهِ فَقَالَ : هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ ، وَهَؤُلَاءِ لِلنَّارِ ، فَأَهْلُ الْجَنَّةِ مُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَأَهْلُ النَّارِ مُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ .
أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الصَّمَدِ ، ثَنَا
حَمَّادٌ ، ثَنَا [
الْجُرَيْرِيُّ ] ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12179أَبِي نَضْرَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=10350474أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَالُ لَهُ : أَبُو عَبْدِ اللَّهِ دَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ يَعُودُونَهُ ، وَهُوَ يَبْكِي ، فَقَالُوا : مَا يُبْكِيكَ ؟ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : " إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ قَبْضَةً بِيَمِينِهِ ، وَأُخْرَى بِيَدِهِ [ ص: 981 ] الْأُخْرَى ، فَقَالَ : هَذِهِ لِهَذِهِ ، وَهَذِهِ لِهَذِهِ ، وَلَا أُبَالِي " فَلَا أَدْرِي فِي أَيِّ الْقَبْضَتَيْنِ أَنَا .
أَخْبَرَنَا
عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ ، عَنِ
الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
إِنَّ nindex.php?page=treesubj&link=31808اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ ، ثُمَّ جَعَلَهُ طِينًا ، ثُمَّ تَرَكَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ حَمَأً مَسْنُونًا ، ثُمَّ خَلَقَهُ ، وَصَوَّرَهُ ، ثُمَّ تَرَكَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ صَلْصَالًا كَالْفَخَّارِ كَانَ إِبْلِيسُ يَمُرُّ بِهِ فَيَقُولُ : خُلِقْتَ لِأَمْرٍ عَظِيمٍ ، ثُمَّ نَفَخَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ . قَالَ : يَا رَبِّ مَا ذُرِّيَّتِي ؟ قَالَ : اخْتَرْ يَا آدَمُ . قَالَ : أَخْتَارُ يَمِينَ رَبِّي - وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ - ثُمَّ بَسَطَ اللَّهُ [ ص: 982 ] كَفَّهُ فَإِذَا كُلُّ مَنْ هُوَ كَائِنٌ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ " .
أَخْبَرَنَا
النَّضْرُ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو مَعْشَرٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15985سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ،
وَنَافِعٍ مَوْلَى الزُّبَيْرِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350476لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ - فَذَكَرَ خَلْقَ آدَمَ - فَقَالَ لَهُ : يَا آدَمُ ، أَيُّ يَدَيَّ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أُرِيَكَ ذُرِّيَّتَكَ فِيهَا ؟ فَقَالَ : يَمِينُ رَبِّي - وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ - فَبَسَطَ يَمِينَهُ ، فَإِذَا فِيهَا ذُرِّيَّتُهُ كُلُّهُمْ : مَا هُوَ خَالِقٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، الصَّحِيحُ عَلَى هَيْئَتِهِ ، وَالْمُبْتَلَى عَلَى هَيْئَتِهِ ، وَالْأَنْبِيَاءُ عَلَى هَيْئَاتِهِمْ ، فَقَالَ : أَلَا أَغْنَيْتَهُمْ كُلَّهُمْ ؟ فَقَالَ : إِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ أُشْكَرَ . . . . " وَذَكَرَ
[ ص: 983 ] الْحَدِيثَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17032مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14327مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15974سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15124اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=17000ابْنُ عَجْلَانَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15985سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ
آدَمَ ، ثُمَّ قَالَ : بِيَدَيْهِ ، فَقَبَضَهُمَا ، فَقَالَ : اخْتَرْ يَا
آدَمُ ، فَقَالَ : اخْتَرْتُ يَمِينَ رَبِّي ، وَكِلْتَا يَدَيْكَ يَمِينٌ ، فَبَسَطَهَا ، فَإِذَا فِيهَا ذُرِّيَّتُهُ ، فَقَالَ مَنْ هَؤُلَاءِ يَا رَبِّ ؟ قَالَ : مَنْ قَضَيْتُ أَنْ أَخْلُقَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ .
[ ص: 984 ] حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ ، ثَنَا
جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ الْخُزَاعِيُّ ، أَخْبَرَنَا
هِشَامُ بْنُ
[ سَعْدٍ ] ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَسَقَطَ مِنْ ظَهْرِهِ كُلُّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . . . " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ .
[ ص: 985 ] ثَنَا
إِسْحَاقُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16707وَعَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ قَالَ : أَنَا
إِسْمَاعِيلُ ، عَنْ
كُلْثُومِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) الْآيَةَ ، قَالَ : مَسَحَ رَبُّكَ ظَهْرَ
آدَمَ فَخَرَجَتْ مِنْهُ كُلُّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، بـِ "
نُعْمَانَ " هَذَا الَّذِي وَرَاءَ
عَرَفَةَ فَأَخَذَ مِيثَاقَهُمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ؟ قَالُوا : بَلَى شَهِدْنَا .
ثَنَا
إِسْحَاقُ ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٌ ، ثَنَا
رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومِ بْنِ جَبْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) الْآيَةَ ، قَالَ : مَسَحَ اللَّهُ ظَهْرَ
آدَمَ وَهُوَ
بِبَطْنِ نُعْمَانَ - وَادٍ - إِلَى جَنْبِ
عَرَفَةَ فَأَخْرَجَ مِنْ ظَهْرِ
آدَمَ ذُرِّيَّتَهُ
[ ص: 986 ] فَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ؟ قَالُوا : بَلَى شَهِدْنَا .
ثُمَّ سَاقَهُ
إِسْحَاقُ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ثُمَّ قَالَ :
أَخْبَرَنَا
الْمَخْزُومِيُّ - وَهُوَ الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ - ثَنَا
أَبُو هِلَالٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11969أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ : مَسَحَ اللَّهُ ظَهْرَ
آدَمَ ، فَأَخْرَجَ
[ ص: 987 ] ذُرِّيَّتَهُ فِي
[ آذِيٍّ ] مِنَ الْمَاءِ .
أَخْبَرَنَا
جَرِيرٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشِ ، عَنْ
مُسْلِمٍ الْبَطِينِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ : مَسَحَ اللَّهُ ظَهْرَ
آدَمَ ، فَخَرَجَتْ مِنْهُ كُلُّ ذُرِّيَّةٍ بَدَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَعُرِضُوا عَلَيْهِ .
[ ص: 988 ] حَدَّثَنَا
الْمُلَائِيُّ ، ثَنَا
الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ ، عَنْ
سَعِيدٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ ) الْآيَةَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ أَخَذَ عَلَى
آدَمَ مِيثَاقَهُ أَنَّهُ رَبُّهُ ، وَكَتَبَ أَجَلَهُ وَرِزْقَهُ وَمُصِيبَاتِهِ ، ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ ظَهْرِهِ وَلَدَهُ كَهَيْئَةِ الذَّرِّ ، فَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ أَنَّهُ رَبُّهُمْ ، فَكَتَبَ أَجَلَهُمْ وَرِزْقَهُمْ وَمُصِيبَاتِهِمْ .
حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٌ ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15683حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ : مَسَحَ اللَّهُ ظَهْرَ
آدَمَ ، فَأَخْرَجَ كُلَّ طَيِّبٍ فِي يَمِينِهِ ، وَفِي يَدِهِ الْأُخْرَى كُلُّ خَبِيثٍ .
[ ص: 989 ] ثَنَا
يَحْيَى ، ثَنَا
الْمَسْعُودِيُّ ، أَخْبَرَنِي
عَلِيُّ بْنُ بَذِيمَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ
آدَمَ ، فَأَخَذَ مِيثَاقَهُ أَنَّهُ رَبُّهُ ، وَكَتَبَ أَجَلَهُ وَرِزْقَهُ وَمُصِيبَتَهُ ، ثُمَّ أَخْرَجَ وَلَدَهُ مِنْ ظَهْرِهِ كَهَيْئَةِ الذَّرِّ ، فَأَخَذَ مَوَاثِيقَهُمْ أَنَّهُ رَبُّهُمْ ، فَكَتَبَ آجَالَهُمْ ، وَأَرْزَاقَهُمْ ، وَمُصِيبَاتِهِمْ .
وَقَالَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ : حَدَّثَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ : مَسَحَ اللَّهُ عَلَى صُلْبِ
آدَمَ ، فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ مَا يَكُونُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَأَخَذَ مِيثَاقَهُمْ أَنَّهُ رَبُّهُمْ فَأَعْطَوْهُ ذَلِكَ ، فَلَا يَسْأَلُ أَحَدًا - كَافِرًا أَوْ غَيْرَهُ - مَنْ رَبُّكَ ؟ إِلَّا قَالَ : اللَّهُ .
قَالَ
مَعْمَرٌ : وَكَانَ
الْحَسَنُ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ .
[ ص: 990 ] قَالَ
إِسْحَاقُ : وَأَخْبَرَنَا
جَرِيرٌ ، عَنْ
مَنْصُورٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ ) الْآيَةَ ، قَالَ : أَخَذَهُمْ كَمَا يُؤْخَذُ بِالْمُشْطِ مِنَ الرَّأْسِ .
[ ص: 991 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17032مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ : وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14418الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ ، ثَنَا
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ
الزُّبَيْرِ بْنِ مُوسَى ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ضَرَبَ مَنْكِبَ
آدَمَ الْأَيْمَنَ ، فَخَرَجَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَخْلُوقَةٍ لِلْجَنَّةِ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً ، فَقَالَ : هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْجَنَّةِ ، ثُمَّ ضَرَبَ مَنْكِبَهُ الْأَيْسَرَ ، فَخَرَجَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَخْلُوقَةٍ لِلنَّارِ سَوْدَاءَ ، فَقَالَ : هَؤُلَاءِ أَهْلُ النَّارِ ، ثُمَّ أَخَذَ عَهْدَهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ ، وَالْمَعْرِفَةِ لَهُ ، وَبِأَمْرِهِ ، وَالتَّصْدِيقِ لَهُ وَبِأَمْرِهِ مِنْ بَنِي
آدَمَ كُلِّهِمْ ، وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، فَآمَنُوا ، وَصَدَّقُوا ، وَعَرَفُوا ، وَأَقَرُّوا .
[ ص: 992 ] قَالَ
إِسْحَاقُ : وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15903رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16994مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
الزُّبَيْرِ بْنِ مُوسَى ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِهَذَا الْحَدِيثِ ، وَزَادَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ : وَبَلَغَنِي أَنَّهُ أَخْرَجَهُمْ عَلَى كَفِّهِ أَمْثَالَ الْخَرْدَلِ .
قَالَ
إِسْحَاقُ : وَحَدَّثَنَا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ الرَّازِيُّ ، حَدَّثَنَا
أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14354الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ ) الْآيَةَ ، قَالَ : جَمَعَهُمْ يَوْمَئِذٍ جَمْعًا ، مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَجَعَلَهُمْ أَرْوَاحًا ، ثُمَّ صَوَّرَهُمْ ، ثُمَّ اسْتَنْطَقَهُمْ ، وَتَكَلَّمُوا ، وَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ ، وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ . قَالَ : فَإِنِّي أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ ، وَأُشْهِدُ عَلَيْكُمْ أَبَاكُمْ
آدَمَ ، أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمْ نَعْلَمْ هَذَا . اعْلَمُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرِي ، وَلَا رَبَّ غَيْرِي ، وَلَا تُشْرِكُوا بِي شَيْئًا ، فَإِنِّي سَأُرْسِلُ إِلَيْكُمْ رُسُلًا يُذَكِّرُونَكُمْ عَهْدِي ، وَمِيثَاقِي ، وَأُنْزِلُ عَلَيْكُمْ كُتُبِي . قَالُوا : نَشْهَدُ أَنَّكَ رَبُّنَا وَإِلَهُنَا ، وَلَا رَبَّ غَيْرُكَ ، وَلَا إِلَهَ لَنَا غَيْرُكَ . فَأَقَرُّوا يَوْمَئِذٍ بِالطَّاعَةِ ، وَرُفِعَ لَهُمْ أَبُوهُمْ
آدَمُ ، فَنَظَرَ ، فَرَأَى فِيهِمُ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ ، وَحَسَنَ الصُّورَةِ وَدُونَ ذَلِكَ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ ، لَوْ سَوَّيْتَ بَيْنَ عِبَادِكَ ! فَقَالَ : إِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ أُشْكَرَ ، وَرَأَى فِيهِمُ الْأَنْبِيَاءَ مِثْلَ السُّرُجِ عَلَيْهِمُ النُّورُ ، وَخُصُّوا بِمِيثَاقٍ آخَرَ فِي الرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّةِ ، فَهُوَ الَّذِي يَقُولُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=7وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ ) . . .
[ ص: 993 ] إِلَى قَوْلِهِ : . . . (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=7غَلِيظًا ) ، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) ، فَلِذَلِكَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=56هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى ) ، وَفِي ذَلِكَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=102وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ ) ، وَفِي ذَلِكَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=74ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ) ، كَانَ فِي عِلْمِهِ يَوْمَ أَقَرُّوا بِمَا أَقَرُّوا بِهِ ، وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهِ وَمَنْ يُصَدِّقُ .
قَالَ : وَكَانَ رُوحُ
عِيسَى مِنْ تِلْكَ الْأَرْوَاحِ الَّتِي أَخَذَ عَلَيْهَا الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ فِي زَمَنِ
آدَمَ ، فَأَرْسَلَ ذَلِكَ إِلَى
مَرْيَمَ حَتَّى (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=16انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا ) . . . ، إِلَى قَوْلِهِ : . . . ( حَمَلَتْهُ ) . . . ، حَمَلَتِ الَّذِي خَاطَبَهَا ، وَهُوَ رُوحُ
عِيسَى .
[ ص: 994 ] [ ص: 995 ] [ ص: 996 ] وَفِي تَفْسِيرِ
أَسْبَاطِ بْنِ نَصْرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ ، عَنْ
أَبِي مَالِكٍ ، وَعَنْ
أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ،
وَعَنْ nindex.php?page=showalam&ids=17058مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ ، عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَعَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ ) . . . الْآيَةَ ، قَالَ : لَمَّا أَخْرَجَ اللَّهُ آدَمَ مِنَ الْجَنَّةِ قَبْلَ أَنْ يَهْبِطَ مِنَ السَّمَاءِ مَسَحَ صَفْحَةَ ظَهْرِ آدَمَ الْيُمْنَى ، فَأَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً بَيْضَاءَ مِثْلَ اللُّؤْلُؤِ ، وَكَهَيْئَةِ الذَّرِّ ، فَقَالَ لَهُمْ : ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي ، وَمَسَحَ صَفْحَةَ ظَهْرِهِ الْيُسْرَى ، فَأَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً سَوْدَاءَ كَهَيْئَةِ الذَّرِّ ، فَقَالَ : ادْخُلُوا النَّارَ ، وَلَا أُبَالِي ، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ : (nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=27وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ ) ، : ( nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=41وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ ) ، ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُمُ الْمِيثَاقَ فَقَالَ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ) ، فَأَعْطَاهُ طَائِفَةٌ طَائِعِينَ ، وَطَائِفَةٌ كَارِهِينَ ، فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=173أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ) فَلِذَلِكَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ إِلَّا وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّ رَبَّهُ اللَّهُ ، وَلَا مُشْرِكٌ إِلَّا وَهُوَ يَقُولُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ ) ، فَلِذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ ) الْآيَةَ ، وَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا ) ، وَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=149قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) قَالَ : يَعْنِي يَوْمَ أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ .
[ ص: 997 ] قَالَ
إِسْحَاقُ : وَأَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15903رُوحُ بْنُ عُبَادَةَ ، ثَنَا
مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ ) ، فَأَقَرُّوا لَهُ بِالْإِيمَانِ ، وَالْمَعْرِفَةِ : الْأَرْوَاحُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ أَجْسَادَهَا .
قَالَ
إِسْحَاقُ : وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14553الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى ، عَنْ
عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ
عَطَاءٍ قَالَ :
[ ص: 998 ] أُخْرِجُوا مِنْ صُلْبِ
آدَمَ حِينَ أَخَذَ مِنْهُمُ الْمِيثَاقَ ، ثُمَّ رُدُّوا فِي صُلْبِهِ .
قَالَ
إِسْحَاقُ : وَأَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بْنُ الْأَجْلَحِ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ أَخْرَجَ مِنْ ظَهْرِ
آدَمَ يَوْمَ خَلَقَهُ مَا يَكُونُ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ ، فَأَخْرَجَهُمْ مِثْلَ الذَّرِّ ، فَقَالَ : أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ : شَهِدْنَا أَنْ يَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً بِيَمِينِهِ ، فَقَالَ : هَؤُلَاءِ فِي الْجَنَّةِ ، وَقَبَضَ أُخْرَى ، فَقَالَ : هَؤُلَاءِ فِي النَّارِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17032مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ : وَحَدَّثَنَا
بُنْدَارٌ ، ثَنَا
أَبُو أَحْمَدَ ، ثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14354الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=83وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا )
[ ص: 999 ] قَالَ : أَخْذُهُ الْمِيثَاقَ .
قَالَ
مُحَمَّدٌ : فَقَدْ ذَكَرْنَا مَا حَضَرَنَا مِنَ الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَنِ السَّلَفِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ ) الْآيَةَ ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَنَّ الطِّفْلَ يَسْقُطُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَهُوَ عَارِفٌ بِاللَّهِ ، وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهَا دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ .
قُلْتُ :
أَبُو مُحَمَّدٍ لَمْ يَرُدَّ أَنَّهُمْ وُلِدُوا عَارِفِينَ بِاللَّهِ مَعْرِفَةً حَاصِلَةً مَعَهُمْ بِالْفِعْلِ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُمْ وُلِدُوا عَلَى حُكْمِ تِلْكَ الْفِطْرَةِ وَالْمِيثَاقِ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِمْ بِحَيْثُ لَوْ خُلُّوا وَفِطَرَهُمْ لَمَا عَدَلُوا عَنْ مُوجِبِ ذَلِكَ .
[ ص: 1000 ] قَالَ
مُحَمَّدٌ : فَيُقَالُ لَهُ : هَلْ عِنْدَكَ مِنْ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفِطْرَةَ الَّتِي أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350479أَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَيْهَا " هِيَ الْمَعْرِفَةُ بِاللَّهِ ؟ أَوْ هَلْ يُحْكَى عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ ؟ أَوْ هَلْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بِقِيَاسٍ ؟ فَإِنْ أَتَى بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الدَّلَائِلِ ، وَإِلَّا بَانَ بَاطِلُ دَعْوَاهُ .
فَإِنْ هُوَ رَجَعَ إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ) الْآيَةَ ، فَقَالَ : اسْتِشْهَادُ اللَّهِ ذُرِّيَّةَ
آدَمَ عَلَى أَنَّهُ رَبُّهُمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ مُتَقَدِّمَةٌ عِنْدَهُمْ كَمَا اسْتَشْهَدَهُمْ عَلَيْهِ ، فَهَذِهِ غَايَةُ حُجَّتِهِ عِنْدَ نَفْسِهِ .
قَالَ : لِأَنَّ كُلَّ مُسْتَشْهَدٍ عَلَى شَيْءٍ لَمْ تَتَقَدَّمِ الْمَعْرِفَةُ عِنْدَهُ بِمَا اسْتُشْهِدَ عَلَيْهِ قَبْلَ الِاسْتِشْهَادِ ، فَإِنَّ الْمُسْتَشْهِدَ دَعَاهُ إِلَى أَنْ شَهِدَ بِقَوْلِ الزُّورِ ، وَاللَّهُ لَا يَأْمُرُ أَحَدًا بِذَلِكَ .
فَيُقَالُ لَهُ : إِنَّ إِجَابَتَكَ عَنْ غَيْرِ مَا تَسْأَلُ عَنْهُ ، وَاحْتِجَاجَكَ لَهُ هُوَ الدَّلِيلُ عَلَى عَجْزِكَ ، وَعَلَى أَنَّهُ لَا حُجَّةَ لَكَ ، إِنَّا لَمْ نَسْأَلْكَ عَنِ الْوَقْتِ الَّذِي اسْتَشْهَدَهُمُ اللَّهُ فِيهِ ، وَقَالَ لَهُمْ : أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ؟ فَأَجَابُوهُ بِأَنْ قَالُوا : بَلَى - هَلْ كَانُوا عَارِفِينَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَمْ لَا - إِنَّمَا سَأَلْنَاكَ عَنْ وَقْتِ سُقُوطِهِمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ : هَلْ عِنْدَكَ حُجَّةٌ تُثْبِتُ أَنَّهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَارِفُونَ ؟
فَإِنْ قَالَ : إِنَّ ثُبُوتَ الْمَعْرِفَةِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ وُلِدُوا عَلَى ذَلِكَ ، فَهُمْ فِي وَقْتِ الْوِلَادَةِ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ .
[ ص: 1001 ] قِيلَ لَهُ : فَقَدْ كَانُوا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُقِرِّينَ أَيْضًا ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ قَالَ : أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ؟ قَالُوا : بَلَى ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُخَاطِبُ إِلَّا مَنْ يَفْهَمُ عِنْدَ الْمُخَاطَبَةِ ، وَلَا يُجِيبُ إِلَّا مَنْ فَهِمَ السُّؤَالَ ، فَإِجَابَتُهُمْ إِيَّاهُ بِقَوْلِهِمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ فَهِمُوا عَنِ اللَّهِ ، وَعَقَلُوا عَنْهُ اسْتِشْهَادَهُ إِيَّاهُمْ : أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ، فَأَجَابُوهُ مِنْ بَعْدِ عَقْلِهِمْ لِلْمُخَاطَبَةِ وَفَهْمِهِمْ لَهَا بِأَنْ قَالُوا : بَلَى ، فَأَقَرُّوا لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ .
فَيُقَالُ لَهُ : فَهَكَذَا تَقُولُ : إِنَّ الطِّفْلَ إِذَا سَقَطَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ فَهُوَ مِنْ سَاعَتِهِ يَفْهَمُ الْمُخَاطَبَةَ إِنْ خُوطِبَ ، وَيُجِيبُ عَنْهَا ، وَيُقِرُّ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ ، كَإِقْرَارِ الَّذِينَ أَقَرُّوا لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ ، فَإِنْ قَالَ : " نَعَمْ " كَابَرَ عَقْلُهُ وَأَكْذَبَهُ الْعِيَانُ ، وَإِنْ قَالَ : " لَا " أَقُولُ : ذَلِكَ فَرْقٌ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ ، فَجُعِلَ حَالُهُمْ فِي وَقْتِ الْوِلَادَةِ خِلَافَ حَالِهِمْ فِي الْوَقْتِ الْأَوَّلِ عِنْدَ أَخْذِ الْمِيثَاقِ مِنْهُمْ ، فَيُقَالُ لَهُ : فَكَذَلِكَ جَائِزٌ أَنْ يَكُونُوا فِي الْوَقْتِ الْأَوَّلِ عَارِفِينَ ، وَهُمْ فِي وَقْتِ الْوِلَادَةِ غَيْرُ عَارِفِينَ كَمَا كَانُوا فِي الْوَقْتِ الْأَوَّلِ ، فَقَدْ فَهِمُوا الْمُخَاطَبَةَ ، وَعَقَلُوهَا ، وَأَجَابُوا مُقِرِّينَ لِلَّهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ ، وَهُمْ فِي وَقْتِ الْوِلَادَةِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ .
قُلْتُ : كُلُّ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْعَهْدَ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِمْ هُوَ أَنَّهُمْ أُخْرِجُوا مِنْ صُلْبِ
آدَمَ وَخُوطِبُوا ، وَأَقَرُّوا لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ ، ثُمَّ رُدُّوا فِي صُلْبِهِ ، فَإِنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ حَالِهِمْ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَحَالِهِمْ وَقْتَ الْوِلَادَةِ قَطْعًا ، وَلَا يَقُولُ
ابْنُ قُتَيْبَةَ وَلَا غَيْرُهُ : إِنَّهُمْ وُلِدُوا عَارِفِينَ فَاهِمِينَ يَفْهَمُونَ السُّؤَالَ ، وَيَرُدُّونَ الْجَوَابَ ، فَالْأَقْسَامُ أَرْبَعَةٌ :
أَحَدُهَا : اسْتِوَاءُ حَالَتِهِمْ وَقْتَ أَخْذِ الْعَهْدِ ، وَوَقْتَ سُقُوطِهِمْ - فِي
[ ص: 1002 ] الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ .
الثَّانِي : اسْتِوَاءُ الْوَقْتَيْنِ فِي عَدَمِ ذَلِكَ .
الثَّالِثُ : حُصُولُ الْمَعْرِفَةِ عِنْدَ السُّقُوطِ ، وَعَدَمُهَا عِنْدَ أَخْذِ الْعَهْدِ ، وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ بَاطِلَةٌ لَا يَقُولُ بِوَاحِدٍ مِنْهَا .
الرَّابِعُ : مَعْرِفَتُهُمْ وَفَهْمُهُمْ وَقْتَ أَخْذِ الْعَهْدِ دُونَ وَقْتِ السُّقُوطِ ، وَهَذَا يَقُولُهُ كُلُّ مَنْ يَقُولُ : إِنَّهُ أَخْرَجَهُمْ مِنْ صُلْبِ أَبِيهِمْ
آدَمَ ، وَكَلَّمَهُمْ ، وَخَاطَبَهُمْ ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِمْ مَلَائِكَتَهُ ، وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، ثُمَّ رَدَّهُمْ فِي صُلْبِهِ .
وَهَذَا قَوْلُ جَمَاهِيرٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، وَاعْتَمَدُوا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ مَرْفُوعِهَا وَمَوْقُوفِهَا .
وَأَحْسَنُ شَيْءٍ فِيهَا حَدِيثُ
مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، وَقَدْ ذَكَرْنَا كَلَامَ الْأَئِمَّةِ فِيهِ ، عَلَى أَنَّ
إِسْحَاقَ قَدْ رَوَاهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15738حَكَّامِ بْنِ سَلْمٍ ، عَنْ
[
عُمَارَةَ ] بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ
أَبِي مُحَمَّدٍ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ قَالَ :
سَأَلْتُ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ ، فَقَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا ، فَقَالَ : " خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ، ثُمَّ أَجْلَسَهُ فَمَسَحَ ظَهْرَهُ ، فَأَخْرَجَ ذَرًّا ، فَقَالَ : ذَرٌّ ذَرَّاتُهُمْ لِلْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ بِمَا شِئْتُ مِنْ عَمَلٍ ، ثُمَّ أَخْتِمُ لَهُمْ بِأَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ ، ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ ، فَأَخْرَجَ ذَرًّا ، فَقَالَ : ذَرٌّ ذَرَّاتُهُمْ لِلنَّارِ يَعْمَلُونَ بِمَا شِئْتُ مِنْ عَمَلٍ ، ثُمَّ أَخْتِمُ لَهُمْ بِأَسْوَأِ أَعْمَالِهِمْ ، فَأُدْخِلُهُمُ النَّارَ " ، فَهَذَا لَا ذِكْرَ فِيهِ لِمُخَاطَبَتِهِمْ ، وَسُؤَالِهِمْ
[ ص: 1003 ] وَاسْتِنْطَاقِهِمْ ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِسَائِرِ الْأَحَادِيثِ ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَحْفُوظُ عَنْ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
وَأَمَّا سَائِرُ الْأَحَادِيثِ فَالْمَرْفُوعُ الصَّحِيحُ مِنْهَا إِنَّمَا فِيهِ إِثْبَاتُ الْقَبْضَتَيْنِ ، وَتَمْيِيزُ أَهْلِ السَّعَادَةِ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ قَبْلَ إِخْرَاجِهِمْ إِلَى دَارِ التَّكْلِيفِ : مِثْلُ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ
أَحْمَدَ ، عَنْ
عَبْدِ الصَّمَدِ ، ثَنَا
حَمَّادٌ ، ثَنَا
[
الْجُرَيْرِيُّ ] ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350481عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=12179أَبِي نَضْرَةَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَالُ لَهُ : أَبُو عَبْدِ اللَّهِ دَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ يَعُودُونَهُ ، وَهُوَ يَبْكِي ، فَقَالُوا لَهُ : مَا يُبْكِيكَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : " إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ قَبْضَةً بِيَمِينِهِ ، وَأُخْرَى بِيَدِهِ الْأُخْرَى ، فَقَالَ : هَذِهِ لِهَذِهِ ، وَهَذِهِ لِهَذِهِ ، وَلَا أُبَالِي " فَلَا أَدْرِي فِي أَيِّ الْقَبْضَتَيْنِ أَنَا !
وَكَذَلِكَ حَدِيثُ
الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَرْفَعُهُ - الَّذِي تَقَدَّمَ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا : "
إِنَّ اللَّهَ أَخْرَجَ ذُرِّيَّةَ آدَمَ مِنْ ظَهْرِهِ ، وَأَرَاهُ إِيَّاهُمْ ، وَجَعَلَ أَهْلَ السَّعَادَةِ فِي قَبْضَتِهِ الْيُمْنَى ، وَأَهْلَ الشَّقَاوَةِ فِي الْقَبْضَةِ الْأُخْرَى " .
[ ص: 1004 ] وَأَمَّا الْآثَارُ الَّتِي فِيهَا أَنَّهُ اسْتَنْطَقَهُمْ ، وَأَشْهَدَهُمْ ، وَخَاطَبَهُمْ فَهِيَ بَيْنَ مَوْقُوفَةٍ ، وَمَرْفُوعَةٍ لَا يَصِحُّ إِسْنَادُهَا كَحَدِيثِ
مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ ، وَحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=8859هِشَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ : فَإِنَّ فِي إِسْنَادِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=15550بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15880وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ ، وَفِيهِمَا مَقَالٌ ،
[
وَقَتَادَةُ النَّصْرِيُّ ، ] وَهُوَ مَجْهُولٌ .
[ ص: 1005 ] [ ص: 1006 ] وَبِالْجُمْلَةِ ، فَالْآثَارُ فِي إِخْرَاجِ الذُّرِّيَّةِ مِنْ ظَهْرِ
آدَمَ ، وَحُصُولِهِمْ فِي الْقَبْضَتَيْنِ كَثِيرَةٌ لَا سَبِيلَ إِلَى رَدِّهَا ، وَإِنْكَارِهَا ، وَيَكْفِي وُصُولُهَا إِلَى التَّابِعِينَ ، فَكَيْفَ بِالصَّحَابَةِ ؟ وَمِثْلُهَا لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ وَالتَّخْمِينِ ، وَلَكِنْ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الصَّحِيحُ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ إِثْبَاتُ الْقَدَرِ ، وَأَنَّ اللَّهَ عَلِمَ مَا سَيَكُونُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ ، وَعَلِمَ الشَّقِيَّ وَالسَّعِيدَ مِنْ ذُرِّيَّةِ
آدَمَ ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَا اسْتَخْرَجَهُ فَرَآهُ
آدَمُ هُوَ أَمْثَالُهُمْ ، أَوْ أَعْيَانُهُمْ ، فَأَمَّا نُطْقُهُمْ فَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي تَقُومُ بِهَا الْحُجَّةُ ، وَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ : فَإِنَّ الْقُرْآنَ يَقُولُ فِيهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) فَذَكَرَ الْأَخْذَ مِنْ ظُهُورِ بَنِي
آدَمَ لَا مِنْ نَفْسِ ظَهْرِ
آدَمَ ، " وَذُرِّيَّتَهُمْ " يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَنْ وَلَدُوهُ إِنْ
[ ص: 1007 ] [ ص: 1008 ] كَانَ كَثِيرًا ، كَمَا قَالَ فِي تَمَامِ الْآيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=173أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ ) ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=33إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=34ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ) ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=3ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ) ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=84وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ ) ، فَاسْمُ " الذُّرِّيَّةِ " يَتَنَاوَلُ الْكِبَارَ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ) ، فَشَهَادَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْقُرْآنِ يُرَادُ بِهَا إِقْرَارُهُ ، فَمَنْ أَقَرَّ بِحَقٍّ عَلَيْهِ فَقَدْ شَهِدَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ) ، كَمَا احْتَجَّ الْفُقَهَاءُ بِذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ الْإِقْرَارِ .
وَفِي حَدِيثِ
مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ : " فَلَمَّا
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350483شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ " أَيْ
[ ص: 1009 ] أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=17مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ ) ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا مُقِرِّينَ بِمَا هُوَ كُفْرٌ ، فَكَانَ ذَلِكَ شَهَادَتَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ .
وَمِنْهُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=130أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ) ، فَشَهَادَتُهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ هِيَ إِقْرَارُهُمْ وَهِيَ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، وَلَفْظُ " شَهِدَ فُلَانٌ " ، وَ " أَشْهَدَ بِهِ " يُرَادُ بِهِ تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ ، وَيُرَادُ بِهِ أَدَاؤُهَا .
فَالْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) .
وَالثَّانِي : كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ ) .
وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ) ، مِنْ هَذَا الثَّانِي لَيْسَ الْمُرَادُ : أَنَّهُ جَعَلَهُمْ يَتَحَمَّلُونَ الشَّهَادَةَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، وَيُؤَدُّونَهَا فِي وَقْتٍ آخَرَ ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ إِنَّمَا يُشْهِدُ عَلَى الرَّجُلِ غَيْرَهُ ، كَمَا فِي قِصَّةِ
آدَمَ ، لِمَا
[ ص: 1010 ] أَشْهَدَ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةَ ، وَكَمَا فِي شَهَادَةِ الْمَلَائِكَةِ ، وَشَهَادَةِ الْجَوَارِحِ عَلَى أَصْحَابِهَا ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ : الْمَعْنَى ( أَشْهَدَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) ، لَكِنْ هَذَا اللَّفْظُ حَيْثُ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ شَهَادَةُ الرَّجُلِ عَلَى نَفْسِهِ ، بِمَعْنَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عَلَى نَفْسِهِ ، وَقَوْلُهُمْ "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172بَلَى شَهِدْنَا " : هُوَ إِقْرَارُهُمْ بِأَنَّهُ رَبُّهُمْ ، وَمَنْ أَخْبَرَ بِأَمْرٍ عَنْ نَفْسِهِ فَقَدْ شَهِدَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ ، فَإِنَّ قَوْلَهُمْ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172بَلَى شَهِدْنَا " مَعْنَاهُ : أَنْتَ رَبُّنَا ، وَهَذَا إِقْرَارٌ مِنْهُمْ بِرُبُوبِيَّتِهِ لَهُمْ ، وَجَعْلِهِمْ شُهَدَاءَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِمَا أَقَرُّوا بِهِ ، وَقَوْلُهُ : " أَشْهَدَهُمْ " يَقْتَضِي أَنَّهُ هُوَ الَّذِي جَعَلَهُمْ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِأَنَّهُ رَبُّهُمْ ، وَهَذَا الْإِشْهَادُ مُقِرُّونَ بِأَخْذِهِمْ مِنْ ظُهُورِ آبَائِهِمْ ، وَهَذَا الْأَخْذُ الْمَعْلُومُ الْمَشْهُودُ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ هُوَ أَخْذُ الْمَنِيِّ مِنْ أَصْلَابِ الْآبَاءِ ، وَنُزُولُهُ فِي أَرْحَامِ الْأُمَّهَاتِ ، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ هُنَا الْأُمَّهَاتِ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=173أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ ) ، وَهُمْ كَانُوا مُتَّبِعِينَ لِدِينِ آبَائِهِمْ لَا لِدِينِ الْأُمَّهَاتِ ، كَمَا قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ ) ، وَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=24أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ ) ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ : اذْكُرْ حِينَ أُخِذُوا مِنْ أَصْلَابِ الْآبَاءِ فَخُلِقُوا حِينَ وُلِدُوا عَلَى الْفِطْرَةِ مُقِرِّينَ بِالْخَالِقِ ، شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ رَبُّهُمْ ، فَهَذَا الْإِقْرَارُ حُجَّةٌ لِلَّهِ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَهُوَ يَذْكُرُ أَخْذَهُ لَهُمْ ، وَإِشْهَادَهُ إِيَّاهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَ فَسَوَّى ، وَقَدَّرَ فَهَدَى ، فَأَخْذُهُمْ يَتَضَمَّنُ خَلْقَهُمْ ، وَالْإِشْهَادُ يَتَضَمَّنُ هُدَاهُ لَهُمْ إِلَى هَذَا
[ ص: 1011 ] الْإِقْرَارِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : " أَشْهَدَهُمْ " أَيْ جَعَلَهُمْ شَاهِدِينَ ، فَهَذَا الْإِشْهَادُ مِنْ لَوَازِمِ الْإِنْسَانِ ، وَكُلُّ إِنْسَانٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مُقِرًّا بِرُبُوبِيَّتِهِ شَاهِدًا عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ ، وَاللَّهَ خَالِقُهُ ، وَهَذَا أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ لِبَنِي
آدَمَ لَا يَنْفِكُّ مِنْهُ مَخْلُوقٌ ، وَهُوَ مِمَّا جُبِلُوا عَلَيْهِ ، فَهُوَ عِلْمٌ ضَرُورِيٌّ لَهُمْ لَا يُمْكِنُ أَحَدًا جَحْدُهُ ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ : ( أَنْ تَقُولُوا ) ، أَيْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَقُولُوا ، أَوْ لِئَلَّا تَقُولُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ) ، أَيْ عَنْ هَذَا الْإِقْرَارِ لِلَّهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ ، وَعَلَى نُفُوسِنَا بِالْعُبُودِيَّةِ ، فَإِنَّهُمْ مَا كَانُوا غَافِلِينَ عَنْ هَذَا ، بَلْ كَانَ هَذَا مِنَ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ اللَّازِمَةِ لَهُمُ الَّتِي لَمْ يَخْلُ مِنْهَا بَشَرٌ قَطُّ ، بِخِلَافِ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلُومِ الَّتِي قَدْ تَكُونُ ضَرُورِيَّةً ، وَلَكِنْ قَدْ يَغْفُلُ عَنْهَا كَثِيرٌ مِنْ بَنِي
آدَمَ مِنْ عُلُومِ الْعَدَدِ وَالْحِسَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، فَإِنَّهَا إِذَا تَصَوَّرَتْ كَانَتْ عُلُومًا ضَرُورِيَّةً ، لَكِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ غَافِلٌ عَنْهَا .
وَأَمَّا الِاعْتِرَافُ بِالْخَالِقِ فَإِنَّهُ عِلْمٌ ضَرُورِيٌّ لَازِمٌ لِلْإِنْسَانِ لَا يَغْفُلُ عَنْهُ أَحَدٌ بِحَيْثُ لَا يَعْرِفُهُ ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَرَفَهُ ، وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُ نَسِيَهُ . وَلِهَذَا يُسَمَّى التَّعْرِيفُ بِذَلِكَ تَذْكِيرًا ، فَإِنَّهُ تَذْكِيرٌ بِعُلُومٍ فِطْرِيَّةٍ ضَرُورِيَّةٍ ، وَقَدْ يَنْسَاهَا الْعَبْدُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=19وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ ) ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350484يَقُولُ اللَّهُ لِلْكَافِرِ : فَالْيَوْمَ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي " .
[ ص: 1012 ] ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=173أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ) ، فَذَكَرَ سُبْحَانَهُ لَهُمْ حُجَّتَيْنِ يَدْفَعُهُمَا هَذَا الْإِشْهَادُ :
إِحْدَاهُمَا : أَنْ يَقُولُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ) ، فَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا عِلْمٌ فِطْرِيٌّ ضَرُورِيٌّ لَا بُدَّ لِكُلِّ بَشَرٍ مِنْ مَعْرِفَتِهِ ، وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ حُجَّةَ اللَّهِ فِي إِبْطَالِ التَّعْطِيلِ ، وَأَنَّ الْقَوْلَ بِإِثْبَاتِ الصَّانِعِ عِلْمٌ فِطْرِيٌّ ضَرُورِيٌّ ، وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى نَفْيِ التَّعْطِيلِ .
وَالثَّانِي : أَنْ يَقُولُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=173إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ) ، وَهُمْ آبَاؤُنَا الْمُشْرِكُونَ : أَيْ أَفَتُعَاقِبُنَا بِذُنُوبِ غَيْرِنَا ؟ فَإِنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا عَارِفِينَ بِأَنَّ اللَّهَ رَبُّهُمْ وَوَجَدُوا آبَاءَهُمْ مُشْرِكِينَ ، وَهُمْ ذَرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ ، وَمُقْتَضَى الطَّبِيعَةِ الْعَادِيَّةِ أَنْ يَحْتَذِيَ الرَّجُلُ حَذْوَ أَبِيهِ حَتَّى فِي الصِّنَاعَاتِ ، وَالْمَسَاكِنِ ، وَالْمَلَابِسِ ، وَالْمَطَاعِمِ إِذْ كَانَ هُوَ الَّذِي رَبَّاهُ ، وَلِهَذَا كَانَ أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ، وَيُنَصِّرَانِهِ ، وَيُمَجِّسَانِهِ ، فَإِذَا كَانَ هَذَا مُقْتَضَى الْعَادَةِ وَالطَّبِيعَةِ ، وَلَمْ يَكُنْ فِي فِطَرِهِمْ وَعُقُولِهِمْ مَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ ، قَالُوا : نَحْنُ مَعْذُورُونَ ، وَآبَاؤُنَا هُمُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ، وَنَحْنُ كُنَّا ذُرِّيَّةً لَهُمْ بَعْدَهُمْ ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا مَا يُبَيِّنُ خَطَأَهُمْ : فَإِذَا كَانَ فِي فِطَرِهِمْ مَا شَهِدُوا بِهِ مِنْ أَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ هُوَ رَبُّهُمْ ، كَانَ مَعَهُمْ مَا يُبَيِّنُ بُطْلَانَ هَذَا الشِّرْكِ ، وَهُوَ التَّوْحِيدُ الَّذِي شَهِدُوا بِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ .
فَإِذَا احْتَجُّوا بِالْعَادَةِ الطَّبِيعِيَّةِ مِنِ اتِّبَاعِ الْآبَاءِ كَانَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمُ الْفِطْرَةَ الطَّبِيعِيَّةَ الْفِعْلِيَّةَ السَّابِقَةَ لِهَذِهِ الْعَادَةِ الطَّارِئَةِ ، وَكَانَتِ الْفِطْرَةُ الْمُوجِبَةُ
[ ص: 1013 ] لِلْإِسْلَامِ سَابِقَةً لِلتَّرْبِيَةِ الَّتِي يَحْتَجُّونَ بِهَا ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ نَفْسَ الْعَقْلِ الَّذِي بِهِ يَعْرِفُونَ التَّوْحِيدَ حُجَّةٌ فِي بُطْلَانِ الشِّرْكِ لَا يَحْتَاجُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولٍ ، فَإِنَّهُ جَعَلَ مَا تَقَدَّمَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ بِدُونِ هَذَا . وَهَذَا لَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) ، فَإِنَّ الرَّسُولَ يَدْعُو إِلَى التَّوْحِيدِ ، وَلَكِنَّ الْفِطْرَةَ دَلِيلٌ عَقْلِيٌّ يُعْلَمُ بِهِ إِثْبَاتُ الصَّانِعِ ، لَمْ يَكُنْ فِي مُجَرَّدِ الرِّسَالَةِ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ ، فَهَذِهِ الشَّهَادَةُ عَلَى أَنْفُسِهِمُ الَّتِي تَتَضَمَّنُ إِقْرَارَهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ رَبُّهُمْ ، وَمَعْرِفَتُهُمْ بِذَلِكَ أَمْرٌ لَازِمٌ لِكُلِّ بَنِي
آدَمَ ، بِهِ تَقُومُ حُجَّةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي تَصْدِيقِ رُسُلِهِ ، فَلَا يُمْكِنُ أَحَدًا أَنْ يَقُولَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنِّي كُنْتُ عَنْ هَذَا غَافِلًا ، وَلَا أَنَّ الذَّنْبَ كَانَ لِأَبِي الْمُشْرِكِ دُونِي لِأَنَّهُ عَارِفٌ بِأَنَّ اللَّهَ رَبُّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، فَلَمْ يَكُنْ مَعْذُورًا فِي التَّعْطِيلِ ، وَالْإِشْرَاكِ بَلْ قَامَ بِهِ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الْعَذَابَ .
ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ - لِكَمَالِ رَحْمَتِهِ وَإِحْسَانِهِ - لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا إِلَّا بَعْدَ إِرْسَالِ الرَّسُولِ إِلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ فَاعِلًا لِمَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الذَّمَّ وَالْعِقَابَ : فَلِلَّهِ عَلَى عَبْدِهِ حُجَّتَانِ قَدْ أَعَدَّهُمَا عَلَيْهِ لَا يُعَذِّبُهُ إِلَّا بَعْدَ قِيَامِهِمَا :
إِحْدَاهُمَا : مَا فَطَرَهُ عَلَيْهِ ، وَخَلَقَهُ عَلَيْهِ مِنَ الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ رَبُّهُ ، وَمَلِيكُهُ وَفَاطِرُهُ ، وَحَقُّهُ عَلَيْهِ لَازِمٌ .
وَالثَّانِيَةُ : إِرْسَالُ رُسُلِهِ إِلَيْهِ بِتَفْصِيلِ ذَلِكَ ، وَتَقْرِيرِهِ وَتَكْمِيلِهِ ، فَيَقُومُ عَلَيْهِ شَاهِدُ الْفِطْرَةِ ، وَالشِّرْعَةِ ، وَيُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ كَانَ كَافِرًا كَمَا قَالَ تَعَالَى :
[ ص: 1014 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=130وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ) ، فَلَمْ يُنَفِّذْ عَلَيْهِمُ الْحُكْمَ إِلَّا بَعْدَ إِقْرَارٍ وَشَاهِدَيْنِ وَهَذَا غَايَةُ الْعَدْلِ .