الفصل الثاني قوله : " " فلا يمتنع حمله على ظاهره ، وأن ذاته مقبلة عليه ، إذ ليس في حمله على ذلك ما يحيل صفاته ، لأنا لا نثبت إقبال انتقال ، ولا إعراضا بمعنى الانصراف عن ذلك ، كما حملنا تجليه للجبل على ظاهره ، ولم يوجب ذلك حمله على انتقال . لا يزال الله مقبلا على عبده ما لم يلتفت ، فإذا التفت أعرض عنه
فإن قيل : هذا محمول على أنه لا يزال خيره مقبلا عليه ، كما يقول القائل : إن الأمير أقبل على فلان وقربه ، أي انصرف خيره وثوابه ، كما يقال : صرف الأمير وجهه عن فلان ، إذا قطع خيره عنه ، ولم يحسن إليه ويحتمل أن يكون معناه : لا يزال توفيق الله للعبد ما لم يعرض ، فإذا أعرض أعرض عنه ، يعني قطع التوفيق واللطف ، وهو معنى قوله : ( ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم ) معناه : لما صرف الله قلوبهم عن الخير بقطع التوفيق واللطف ، انصرفت قلوبهم عن الخير .
قيل : هذا غلط ، لما بينا وهو أن ثوابه لا يختص بالمصلي ، وكذلك قطع الثواب لا يختص بمن التفت في صلاته ، لأن غير الملتفت - من الغائب - في صلاته يقطع ثوابه ، فيجب ألا يكون لهذا التخصيص فائدة إلا ما ذكرنا [ ص: 356 ] .