423 - ورواه في سننه ، أبو بكر النجاد بإسناده ، عن وأبو عبد الله بن بطة أسامة بن شريك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ووضع يده على فيه : " يد الله على الجماعة ، فإذا شذ الشاذ تخطفه الشيطان كما يتخطف الذئب الشاذ من الغنم " [ ص: 453 ] .
اعلم أن الكلام في هذا في فصلين : أحدهما : في " اليد " والثاني في قوله : " على الجماعة " أما الأول : فإنه غير ممتنع حمل اليد ها هنا على أنها يد صفة للذات كقوله : ( خلقت بيدي ) وكذلك قوله : " قلب العبد بين أصبعين من أصابع الرحمن " على أنها صفة للذات كذلك ها هنا فإن قيل : إنما لم تحمل اليد في خلق آدم على الذات ، لأن في ذلك إبطال فضيلة آدم وتشريفه على إبليس ، لأن إبليس أيضا مخلوق بالذات قيل : قد أجبنا عن هذا السؤال في حديث الساعد بما فيه كفاية ، وعلى أن الخبر قصد به تشريف الجماعة ومدحها ، والحث على متابعتها وذم مفارقتها ، فإذا حمل الخبر على الذات أبطلنا فضيلة الجماعة ، لأن غير الجماعة هو معها فإن قيل : تحمل اليد ها هنا على الذات كقوله : ( مما عملت أيدينا أنعاما ) معناه : مما عملنا ، وكقوله : ( مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم ) [ ص: 454 ] معناه : مما ملكتم أنتم ، كقوله تعالى : ( أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) معناه : المالك لعقدة النكاح ، لأنا رأينا من يملكه مقطوع اليد قيل : هذا غلط ، لأنه إن جاز تأويل اليد ها هنا على الذات; جاز تأويل قوله : ( خلقت بيدي ) على الذات ، ولأن هذا يؤدي إلى جواز القول بأن الله يد! لأنه قد عبر عن الذات باليد! وأنه يجوز أن يدعى فيقال : يا يد اغفر لنا ، وقد أجمعت الأمة على خلافه .
وجواب آخر وهو أن يسقط فائدة التخصيص بالجماعة ، لأن ذاته مع الواحد أيضا ، فعلم أن تخصيص الجماعة له فائدة وأما قوله : ( مما عملت أيدينا أنعاما ) فإنما انتقلنا عن ظاهره لدليل وهو حصول الإجماع على أنه لم تخلق الأنعام بيده ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إنها جزء من جزء " ، وكذلك قوله : ( مما ملكت أيمانكم ) قد دل الدليل على أن المراد به ملكنا من العبيد ، وكذلك قوله : ( بيده عقدة النكاح ) قام الدليل على أن المراد به الملك ، وليس ها هنا ما دل على ذلك فحملناه على ظاهره .
الفصل الثاني : في قوله " على الجماعة " معناه هو معهم بالنصرة لهم .