436  - وناه أبو القسم  بإسناده ، عن  عامر بن سعد  ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله جميل يحب الجمال ، وجواد يحب الجود ، وكريم يحب الكرماء ، طيب يحب الطيب ، ونظيف يحب النظافة ، فنظفوا بيوتكم ، ونظفوا بيوتكم ، ونظفوا ساحاتكم ولا تشبهوا باليهود تجمع الأكناس في دورها   "  [ ص: 465 ]  . 
اعلم أنه غير ممتنع وصفه تعالى بالجمال وأن - ذلك صفة راجعة إلى الذات ، لأن الجمال في معنى الحسن ، وقد تقدم في أول الكتاب قوله : " رأيت ربي في أحسن صورة " ، وبينا أن ذلك صفة راجعة إلى الذات كذلك ها هنا ، ولأنه ليس في حمله ظاهره ما يحيل صفاته ولا يخرجها عما تستحقه ، لأن طريقه الكمال والمدح ، ولأنه لو لم يوصف بالجمال جاز أن يوصف بضده وهو القبح ، ولما لم يجز أن يوصف بضده جاز أن يوصف به ، ألا ترى أنا وصفناه بالعلم والقدرة والكلام لأن في نفيها إثبات أضدادها وذلك مستحيل عليه ، كذلك ها هنا فإن قيل : قوله : " جميل " بمعنى : مجمل من شاء من خلقه ، لأن فعيل قد يجيء على معنى : مفعل ، ومنه قولنا : حكيم والمراد محكم لما فعله قيل : هذا غلط ، لأن الخبر ورد على سبب ، وهو الحث لهم على التجمل في صفاتهم لا على معنى التجميل في غيرهم فكان مقتضى الخبر : إن الله جميل في ذاته يجب أن تتجملوا في صفاتكم ، فإذا حمل الخبر على فعل التجميل في الغير ، عدل بالخبر عما قصد به  [ ص: 466 ] فإن قيل : معنى الجمال ها هنا الإحسان والإفضال ، فيكون معناه : هو المظهر النعمة والفضل على من شاء من خلقه برحمته قيل : هذا غلط ، لأنه قد ذكر الجمال والإحسان والإفضال فقال : " جميل يحب الجمال ، وجواد يحب الجود ، وكريم يحب الكرماء  " فإذا حملنا الجمال على ذلك حمل اللفظ على التكرار وعلى ما لا يفيد وجواب آخر : وهو أن نعم الله ظاهرة ، فحمل الخبر على هذا يسقط فائدة التخصيص بالجمال  [ ص: 467 ]  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					