في رضي الله عنه علي بن أبي طالب فضل
الحمد لله الذي أصبحت له الوجوه ذليلة عانية ، وحذرته النفوس مجدة ومتوانية ، وعظ فذم الدنيا الحقيرة الفانية ، وشوق إلى جنة قطوفها دانية ، وخوف عطاش الهوى أن يسقوا من عين آنية ، أحمده على تقويم شانيه ، وأستعينه من شر شانئ وشانية . وأحصل بتحقيق التوحيد إيمانيه ، وأصلي على رسوله محمد صلاة ممهدة لعزة بانية ، وعلى صاحبه السابق في الوفاق والاتفاق وفي الدار والغربة في الغار ، أربع للفخر بانية ، وله فضيلة التخلل والتقلل والرأفة والخلافة ، صارت ثمانية ، وعلى أبي بكر الصديق مقيم السياسة على كل نفس جانية ، وعلى عمر الذي اختاره الرسول بعد ابنته للثانية ، وعلى عثمان المنزل فيه علي الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية وعلى عمه المستسقى بشيبته فإذا أسباب الغيث والغوث دانية . العباس
أخبرنا أبو القاسم الكاتب ، أنبأنا أبو علي التميمي ، أنبأنا أبو بكر بن مالك ، حدثنا ، حدثني عبد الله بن أحمد ، حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن جعفر ، عن شعبة الحكم ، عن ، مصعب بن سعد ، قال : خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص في غزوة علي بن أبي طالب تبوك ، فقال : هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ؟ ! " . يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان ؟ قال : " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة عن
قال وحدثنا أحمد : قتيبة ، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن ، أبي حازم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم سهل بن سعد خيبر : " قال : فبات الناس يدوكون أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها ، فقال : أين لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله . فقيل : هو يا رسول الله يشتكي عينيه . قال فأرسلوا إليه . فأتي به فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له ، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية فقال علي بن أبي طالب ؟ [ ص: 359 ] يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ فقال : " انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ، ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله ، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم " . علي : عن
قال وحدثنا أحمد : ابن نضير ، حدثنا عن الأعمش ، ، عن عدي بن ثابت قال : زر بن حبيش والله إنه لمما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه لا يبغضني إلا منافق ولا يحبني إلا مؤمن . علي : قال
انفرد بإخراج هذا الحديث واتفقا على الحديثين قبله . مسلم
اعلم أن عليا رضي الله عنه لا يزاحم في قرب نسبه وقد أقر الكل بعلمه وفضله .
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن سبع سنين فتبعه ، ولم يزل معه يكشف الكروب عن وجهه . وصعد على منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرمى صنما .
أخبرنا ، أنبأنا هبة الله بن محمد ، أخبرنا الحسن بن علي ، حدثنا أحمد بن جعفر ، حدثني عبد الله بن أحمد ، حدثنا أبي أسباط ، حدثنا نعيم بن حكيم ، عن أبي مريم ، ، قال : انطلقت أنا والنبي صلى الله عليه وسلم حتى أتينا علي بن أبي طالب الكعبة فقال لي : اجلس . وصعد على منكبي فذهبت لأنهض فلم أقدر ، فرأى مني ضعفا فنزل وجلس إلي نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال : اصعد على منكبي . فصعدت على منكبه . قال : فنهض بي قال : فإنه يخيل إلي أني لو شئت لنلت أفق السماء ، حتى صعدت على البيت وعليه تمثال صفر أو نحاس ، فجعلت أزاوله عن يمينه وشماله وبين يديه ومن خلفه ، حتى إذا استمكنت منه قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقذف به . فقذفت به فكسر كما تنكسر القوارير ثم نزلت ، فانطلقت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس . عن
وكان الخلق يحتاجون إلى علم حتى قال علي رضي الله عنه آه من معضلة ليس لها عمر أبو حسن .
فلما ولي لم يتغير عن الزهد في الدنيا وكان يقول : إن أحمد بن حنبل عليا ما زانته الخلافة ولكن هو زانها .
ما زانه الملك إذ حواه بل كل شيء به يزان [ ص: 360 ] جرى ففات الملوك سبقا
فليس قدامه عنان نالت يداه ذرى معال
يعجز عن مثلها العيان
أخبرنا محمد بن أبي منصور ، أخبرنا جعفر بن أحمد ، أخبرنا ، أنبأنا الحسن بن علي أبو بكر بن مالك ، حدثنا ، حدثني عبد الله بن أحمد ، حدثنا أبي وهيب بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن قيس ، عن ، عن علي بن ربيعة أنه جاءه علي بن أبي طالب ابن النباح فقال : يا أمير المؤمنين امتلأ بيت المال من صفراء وبيضاء . قال : الله أكبر . قال : فقام متوكئا على ابن النباح حتى قام على بيت المال فقال :
هذا جناي وخياره فيه وكل جان يده إلى فيه
فأعطى جميع ما في بيت المال المسلمين وهو يقول : يا صفراء يا بيضاء غري غيري . حتى ما بقي فيه دينار ولا درهم ثم أمر بنضحه وصلى فيه ركعتين .
أخبرنا ، أنبأنا محمد بن عبد الباقي ، أنبأنا الجوهري ابن حيوة ، حدثنا أحمد بن معروف ، حدثنا ، حدثنا الحسين بن الفهم ، أنبأنا محمد بن سعد ، حدثنا الفضل بن دكين الحر بن جرموز ، عن أبيه ، قال : رأيت عليا وعليه قطريتان إزار إلى نصف الساق ورداء مشمر ، ومعه درة له يمشي بها في الأسواق يأمرهم بتقوى الله وحسن البيع ويقول : أوفوا الكيل والميزان .
أخبرنا أبو بكر بن حبيب الصوفي ، أنبأنا أبو سعيد بن أبي صادق الحبيري ، حدثنا أبو عبد الله بن باكوية الشيرازي ، حدثنا عبد الله بن فهد بن إبراهيم الساجي ، حدثنا محمد بن زكريا ، حدثنا العباس بن بكار ، حدثنا عبد الواحد بن أبي عمرو الأسيدي ، عن الكلبي ، عن قال : قال أبي صالح معاوية بن أبي سفيان لضرار بن حمزة : صف لي عليا فقال : أو تعفيني . قال : بل تصفه . فقال : أو تعفيني . قال : لا أعفيك . فقال : أما أن لا بد فإنه كان بعيد المدى شديد القوى ، يقول فصلا ويحكم عدلا ، يتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل وظلمته ، كان والله غزير الدمعة طويل الفكرة ، يقلب كفه ويخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما خشن ومن الطعام ما جشب ، كان والله كأحدنا يجيبنا إذا سألناه ويبتدئنا إذا أتيناه ، ويأتينا إذا دعوناه ، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكلمه هيبة له ولا نبتديه تعظمة ، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم ، يعظم أهل الدين ويحب المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله ، فأشهد بالله لرأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سجوفه وغارت نجومه ، وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين [ ص: 361 ] وكأني أسمعه وهو يقول : يا دنيا يا دنيا تعرضت أم بي تشوفت ؟ هيهات غري غيري ، قد بتتك ثلاثا لا رجعة لي فيك ، فعمرك قصير وعيشك حقير وخطرك كبير ، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق .
قال : فذرفت دموع فما يملكها وهو ينشفها بكمه ، وقد اختنق القوم بالبكاء ، ثم قال معاوية رحم الله معاوية : أبا الحسن ! كان والله كذلك ، فكيف حزنك عليه يا ضرار ؟ قال : حزن من ذبح ولدها في حجرها فلا ترقأ عبرتها ولا يسكن حزنها .