عيدي مقيم وعيد الناس منصرف والقلب مني عن اللذات منحرف ولي قرينان ما لي منهما خلف
طول الحنين وعين دمعها يكف
أخبرنا محمد بن أبي منصور بسنده عن أبي ثابت الخطاب قال : سمعت يقول : رأيت إبراهيم بن موسى فتحا الموصلي يوم عيد وقد رأى على الناس الطيالس والعمائم فقال لي : يا إبراهيم أما ترى ثوبا يبلى وجسدا يأكله الدود غدا ؟ هؤلاء قوم قد أنفقوا خزائنهم على بطونهم وظهورهم ويقدمون على ربهم مفاليس ، أخبرنا عمر بن ظفر بسنده عن أبي بكر الشقاق قال : سمعت يقول نظر بعض العلماء يوم الفطر إلى الناس وشغلهم بما هم فيه من الأكل والشراب واللباس فقال : لئن كانوا هؤلاء قد أنبأهم الله عز وجل أنه قد تقبل منهم صيامهم وقيامهم لقد كان ينبغي لهم أن يكونوا أصبحوا مشاغيل بأداء الشكر ، لئن كانوا يخافون أنه لم يقبل منهم فقد كان ينبغي لهم أن يكونوا أشغل وأشغل . أحمد بن عيسى
أخبرنا بسنده عن عبد الرحمن بن محمد عبد الله الصوفي سمعت مظفر بن سهل قال : قال : دخلت على أبو بكر المروزي أبي بكر بن مسلم صاحب قنطرة بردان يوم عيد فوجدته وعليه قميص مرقوع مطيق، وقدامه قليل خرنوب يقرضه فقلت : يا اليوم يوم عيد الفطر تأكل الخرنوب ؟ فقال لي : لا تنظر إلى هذا ولكن انظر إن سألني من أين لك هذا ؟ أي شيء أقول ! . أبا بكر
[ ص: 498 ] أخبرنا أبو بكر الصوفي بسنده عن أبي الربيع النهدي قال : أخبرني قال : دخلت على إدريس بن يحيى أبي عباد الخواص يوم عيد فاستأذنت عليه فخرج إلي وهو يبكي وينوح على نفسه قال : فدخلت معه فقال : إني ذكرت اليوم تنعم الناس وما هم فيه من اللذات فأحببت أن أتنعم بما ترى .
وكان صالح بن عبد الجليل إذا انصرف يوم العيد جمع عياله وجلس يبكي فيقول له إخوانه : هذا يوم سرور ، فيقول صدقتم ولكني عبد أمرني سيدي أن أعمل له عملا فعملته ، فلا أدري أقبله مني أم لا ؟ فالأولى بي طول الحزن ! .
أخبرنا عن محمد بن عبد الباقي هناد بن إبراهيم قال : سمعت محمد بن القاسم يقول : كان الشبلي يوم العيد ينوح ويصيح ويصرخ وعليه ثياب سود وزرق فاجتمع الناس إليه فسألوه عن نوحه وبكائه فقال :
تزين الناس يوم العيد للعيد وقد لبست ثياب الزرق والسود
وأصبح الناس مسرورا بعيدهم ورحت فيك إلى نوح وتعديد
فالناس في فرح والقلب في ترح شتان بيني وبين الناس في العيد
للناس فطر وعيد إني فريد وحيد
يا غايتي ومناي أتم لي ما أريد
وقيل له يوم عيد : يا اليوم يوم عيد ، فقال : أبا بكر
الناس بالعيد قد سروا وقد فرحوا وما فرحت به والواحد الأحد
لما تيقنت أني لا أعاينكم غمضت عيني فلم أنظر إلى أحد
إذا ما كنت لي عيدا فما أصنع بالعيد
جرى حبك في قلبي كجري الماء في العود
هيهات ليس المحب من غيره البعد والهجر ، ولا المخلص من حركه الثواب والأجر ، لكنه من تساوى عنده الوصل والصد ، وإلفه على كل حال الجد والكد .
يا راكبا تطوي المهامه عيسه فتريه رضراض الحصى مترضرضا
بلغ رعاك الله سكان الغضى مني التحية إن عرضت معرضا
وقل انقضى زمن الوصال وودنا باق على مر الليالي ما انقضى