يا عامرا لخراب الدهر مجتهدا تالله ما لخراب الدهر عمران وكل وجدان حظ لا ثبات له
فإن معناه في التحقيق فقدان صن الفؤاد عن الدنيا وزخرفها
فصفوها كدر والوصل هجران
فيا جامع الدنيا لغير بلاغة ستتركها فانظر لمن أنت جامع
لو أن ذوي الأبصار يوعون كل ما يرون لما جفت لعين مدامع
ومن كانت الدنيا مناه وهمه سباه المنى واستعبدته المطامع
أللعمر في الدنيا تجد وتعمر وأنت غدا فيها تموت وتقبر
تلقع آملا وترجو نتاجها وعمرك مما قد ترجيه أقصر
وهذا صباح اليوم ينعاك ضوؤه وليلته تنعاك إن كنت تشعر
تحوم على إدراك ما قد كفيته وتقبل بالآمال فيه وتدبر
ورزقك لا يعدوك إما معجل على حاله يوما وإما مؤخر
فلا تأمن الدنيا إذا هي أقبلت عليك فما زالت تخون وتغدر
[ ص: 131 ] فما تم فيها الصفو يوما لأهله ولا الرفق إلا ريثما يتغير
تذكر وفكر في الذي أنت صائر إليه غدا إن كنت ممن يفكر
فلا بد يوما أن تصير لحفرة بأثنائها تطوى إلى يوم تحشر
وقائلة لو كنت تلتمس الغنى رشدت ، وما أوصت بما كان راشدا
أبى الناس إلا حب دنيا ذميمة تقضى ويأبى الموت إلا التزودا
فقلت سلي عن ذي الثراء تخبري وذي الملك بعد الملك ماذا توسدا
يمرون أرسالا ونضحى كأننا لما نالهم بالأمس لم نك شهدا
فهل ينفعنا ما نرى أو يروعنا وهل نذكرن اليوم منزلنا غدا
أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا رزق الله ، أنبأنا ابن شاذان أنبأنا أبو جعفر بن يزيد ، أنبأنا أبو بكر القرشي ، أنبأنا يعقوب بن عبيد الله ، حدثنا حدثنا يزيد بن هارون ، عن سفيان الثوري ، زيد الشامي ، عن مهاجر العامري ، قال : قال رضي الله عنه : إن [ ص: 132 ] أخوف ما أخاف عليكم اثنتان : اتباع الهوى وطول الأمل ، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق ، وأما طول الأمل فينسي الآخرة ، ألا وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة ألا وإن الدنيا قد ولت مدبرة ، ولكل واحدة منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن اليوم عمل ولا حساب ، وغدا حساب ولا عمل . علي بن أبي طالب
يا صحاح الأجساد كيف بطلتم لا لعذر عن صالح الأعمال
لو علمتم أن البطالة تجدي حسرة في معادكم والمآل
لتبادرتم إلى ما يقيكم من جحيم في بعثكم ونكال
إنما هذه الحياة غرور أبدا تطمع الورى في المحال
كيف يهنيكم القرار وأنتم بعد تمهيدكم على الارتحال
الهدى واضح فلا تعدلوا عنـــــ ــــه ولا تسلكوا سبيل الضلال
وأنيبوا قبل الممات وتوبوا تسلموا في غد من الأهوال