، فسوى بينهما ومنشأ الضلال من التسوية بين المشيئة والإرادة ، وبين المحبة والرضا الجبرية والقدرية ، ثم اختلفوا ، فقالت الجبرية : الكون كله بقضائه وقدره ، فيكون محبوبا مرضيا . وقالت القدرية النفاة : ليست المعاصي محبوبة لله ولا مرضية له ، فليست مقدرة ولا مقضية ، فهي خارجة عن مشيئته وخلقه . وقد دل على الكتاب والسنة والفطرة الصحيحة . أما نصوص المشيئة والإرادة من الكتاب ، فقد تقدم ذكر [ ص: 325 ] بعضها . وأما الفرق بين المشيئة والمحبة ، فقال تعالى : نصوص المحبة والرضا والله لا يحب الفساد ( البقرة : 205 ) . ولا يرضى لعباده الكفر ( الزمر : 7 ) . وقال تعالى عقيب ما نهى عنه من الشرك والظلم والفواحش والكبر : كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها ( الإسراء : 38 ) . وفي ( ( الصحيح ) ) عن النبي صلى الله عليه وسلم : . وفي ( ( المسند ) ) : إن الله كره لكم ثلاثا : قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال . إن الله يحب أن يؤخذ برخصه ، كما يكره أن تؤتى معصيته
[ ص: 326 ] [ ص: 327 ] وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم : . فتأمل ذكر استعاذته بصفة الرضا من صفة السخط ، وبفعل المعافاة من فعل العقوبة . فالأول للصفة ، والثاني : لأثرها المرتب عليها ، ثم ربط ذلك كله بذاته سبحانه ، وأن ذلك كله راجع إليه وحده لا إلى غيره ، فما أعوذ منه واقع بمشيئتك وإرادتك ، وما أعوذ به من رضاك ومعافاتك هو بمشيئتك وإرادتك ، إن شئت أن ترضى عن عبدك وتعافيه ، وإن شئت أن تغضب عليه وتعاقبه ، فإعاذتي مما أكره ومنعه أن يحل بي ، هي بمشيئتك أيضا ، فالمحبوب والمكروه كله بقضائك ومشيئتك ، فعياذي بك منك ، وعياذي بحولك وقوتك ورحمتك مما يكون بحولك وقوتك وعدلك وحكمتك ، فلا أستعيذ بغيرك من غيرك ولا أستعيذ بك من شيء صادر عن غير مشيئتك ، بل هو منك . فلا يعلم ما في هذه الكلمات من التوحيد والمعارف والعبودية ، إلا الراسخون في العلم بالله ومعرفته ومعرفة عبوديته . اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك