وغالب بل كل سورة في [ ص: 43 ] القرآن . فإن القرآن إما خبر عن الله وأسمائه وصفاته ، فهو التوحيد العلمي الخبري . وإما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له ، وخلع ما يعبد من دونه ، فهو التوحيد الإرادي الطلبي . وإما أمر ونهي وإلزام بطاعته ، فذلك من حقوق التوحيد ومكملاته . وإما خبر عن إكرامه لأهل توحيده ، وما فعل بهم في الدنيا وما يكرمهم به في الآخرة ، فهو جزاء توحيده . وإما خبر عن أهل الشرك ، وما فعل بهم في الدنيا من النكال ، وما يحل بهم في العقبى من العذاب فهو جزاء من خرج عن حكم التوحيد . سور القرآن متضمنة لنوعي التوحيد ،
فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه ، وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم . فـ الحمد لله رب العالمين توحيد ، الرحمن الرحيم توحيد ، مالك يوم الدين توحيد ، إياك نعبد وإياك نستعين توحيد ، اهدنا الصراط المستقيم توحيد متضمن لسؤال الهداية إلى طريق أهل التوحيد ، الذين أنعمت عليهم ، غير المغضوب عليهم ولا الضالين الذين فارقوا التوحيد .
وكذلك شهد الله لنفسه بهذا التوحيد ، وشهدت له به ملائكته [ ص: 44 ] وأنبياؤه ورسله . قال تعالى : شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم إن الدين عند الله الإسلام ( آل عمران : 18 - 19 ) . فتضمنت هذه الآية الكريمة إثبات حقيقة التوحيد ، والرد على جميع طوائف الضلال ، فتضمنت أجل شهادة وأعظمها وأعدلها وأصدقها ، من أجل شاهد ، بأجل مشهود به .