وقد صار الناس في مسمى الإسلام على ثلاثة أقوال :
فطائفة جعلت الإسلام هو الكلمة .
وطائفة أجابوا بما أجاب به النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الإسلام والإيمان ، حيث فسر الإسلام بالأعمال الظاهرة ، والإيمان بالإيمان بالأصول الخمسة .
وطائفة جعلوا الإسلام مرادفا للإيمان ، وجعلوا معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم : الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة ، [ ص: 489 ] الحديث - : شعائر الإسلام . والأصل عدم التقدير ، مع أنهم قالوا : إن الإيمان هو التصديق بالقلب ، ثم قالوا الإسلام والإيمان شيء واحد ، فيكون الإسلام هو التصديق ! وهذا لم يقله أحد من أهل اللغة ، وإنما هو الانقياد والطاعة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم لك أسلمت وبك آمنت . وفسر الإسلام بالأعمال الظاهرة ، والإيمان بالإيمان بالأصول الخمسة . فليس لنا إذا جمعنا بينهما أن نجيب بغير ما أجاب به النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما إذا أفرد اسم الإيمان فإنه يتضمن الإسلام ، وإذا أفرد الإسلام فقد يكون مع الإسلام مؤمنا بلا نزاع ، وهذا هو الواجب ، وهل يكون مسلما ولا يقال له مؤمن ؟ وقد تقدم الكلام فيه .
وكذلك هل يستلزم الإسلام الإيمان ؟ فيه النزاع المذكور . وإنما وعد الله بالجنة في القرآن وبالنجاة من النار باسم الإيمان ، كما قال تعالى : ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون [ يونس : 62 - 63 ] . وقال تعالى : سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله [ الحديد : 21 ] وأما اسم الإسلام مجردا فما علق به في القرآن دخول الجنة ، لكنه فرضه وأخبر أنه دينه الذي لا يقبل من أحد سواه ، وبه بعث [ ص: 490 ] النبيين ، ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه [ آل عمران : 85 ] .