ياأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا ويصلى سعيرا إنه كان في أهله مسرورا إنه ظن أن لن يحور بلى إن ربه كان به بصيرا [ الانشقاق : 6 - 15 ] .
وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة [ الكهف : 48 ] .
ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا [ الكهف : 49 ] .
يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار [ إبراهيم : 48 ] ، إلى آخر السورة .
رفيع الدرجات ذو العرش ، الآية إلى قوله : إن الله سريع الحساب [ غافر : 15 - 17 ] .
واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون [ البقرة : 181 ] .
وروى رحمه الله في صحيحه ، عن البخاري عائشة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا [ الانشقاق : 7 - 8 ] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ص: 602 ] إنما ذلك العرض ، وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا عذب . يعني أنه لو ناقش في حسابه لعبيده لعذبهم وهو غير ظالم لهم ، ولكنه تعالى يعفو ويصفح . وسيأتي لذلك زيادة بيان ، إن شاء الله تعالى . ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك ، فقلت : يا رسول الله ، أليس قد قال الله تعالى : "
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : موسى آخذ بقائمة العرش ، فلا أدري أفاق قبلي ، أم جوزي بصعقة يوم الطور ؟ إن الناس يصعقون يوم القيامة ، فأكون أول من يفيق ، فإذا
وهذا صعق في ، إذا جاء الله لفصل القضاء ، وأشرقت الأرض بنوره ، فحينئذ يصعق الخلائق كلهم . موقف القيامة
فإن قيل : كيف تصنعون بقوله في الحديث : ، فأجد أول من تنشق عنه الأرض موسى باطشا بقائمة العرش إن الناس يصعقون يوم القيامة ، فأكون
[ ص: 603 ] قيل : لا ريب أن هذا اللفظ قد ورد هكذا ، ومنه نشأ الإشكال . ولكنه دخل فيه على الراوي حديث في حديث ، فركب بين اللفظين ، فجاء هذان الحديثان هكذا : أحدهما : ، كما تقدم ، والثاني : إن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ، فدخل على الراوي هذا الحديث في الآخر . وممن نبه على هذا أنا أبو الحجاج المزي ، وبعده الشيخ شمس الدين بن القيم ، وشيخنا الشيخ عماد الدين ابن كثير ، رحمهم الله .
وكذلك اشتبه على بعض الرواة ، فقال : فلا أدري أفاق قبلي أم كان ممن استثنى الله عز وجل ؟ والمحفوظ الذي تواطأت عليه الروايات الصحيحة هو الأول ، وعليه المعنى الصحيح ، فإن إذا جاء لفصل القضاء ، الصعق يوم القيامة لتجلي الله لعباده فموسى عليه السلام إن كان لم يصعق معهم ، فيكون قد جوزي بصعقة يوم تجلى ربه للجبل فجعله دكا ، فجعلت صعقة هذا التجلي عوضا عن صعقة الخلائق لتجلي الرب يوم القيامة . فتأمل هذا المعنى العظيم ولا تهمله .
[ ص: 604 ] وروى الإمام أحمد ، والترمذي ، عن وأبو بكر ابن أبي الدنيا ، الحسن ، قال : سمعت يقول : أبا موسى الأشعري ، فعرضتان جدال ومعاذير ، وعرضة تطاير الصحف ، فمن أوتي كتابه بيمينه ، وحوسب حسابا يسيرا ، دخل الجنة ، ومن أوتي كتابه بشماله ، دخل النار يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات . وقد روى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن ابن أبي الدنيا : أنه أنشد في ذلك شعرا : ابن المبارك
وطارت الصحف في الأيدي منشرة فيها السرائر والأخبار تطلع فكيف سهوك والأنباء واقعة
عما قليل ، ولا تدري بما تقع أفي الجنان وفوز لا انقطاع له
أم الجحيم فلا تبقي ولا تدع تهوي بساكنها طورا وترفعهم
إذا رجوا مخرجا من غمها قمعوا طال البكاء فلم يرحم تضرعهم
فيها ، ولا رقة تغني ولا جزع لينفع العلم قبل الموت عالمه
قد سال قوم بها الرجعى فما رجعوا
وروى البيهقي بسنده ، عن مسروق ، عن عبد الله ، قال : يجمع الله الناس يوم القيامة ، إلى أن قال : فيعطون نورهم على قدر أعمالهم ، وقال : فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل بين يديه ، ومنهم من يعطى نوره فوق ذلك ، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه ، ومنهم من يعطى دون ذلك بيمينه ، حتى يكون آخر ( ذلك ) من يعطى نوره على إبهام قدمه ، يضيء مرة ويطفأ مرة ، إذا أضاء قدم قدمه ، وإذا طفئ قام ، قال : فيمر ويمرون على الصراط ، ، دحض ، مزلة ، فيقال لهم : امضوا على قدر نوركم ، فمنهم والصراط كحد السيف ، ومنهم من يمر كالريح ، ومنهم من يمر كالطرف ، ومنهم من يمر كشد الرجل ، يرمل رملا ، فيمرون على قدر أعمالهم ، [ ص: 606 ] حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه ، تجر يد ، وتعلق يد ، وتجر رجل ، وتعلق رجل ، وتصيب جوانبه النار ، فيخلصون ، فإذا خلصوا قالوا : الحمد لله الذي نجانا منك بعد أن أراناك ، لقد أعطانا الله ما لم يعط أحدا من يمر كانقضاض الكوكب ، الحديث .