الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          قوله : [46] باب قول الله تعالى : يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته   .

                                                                                                                                                                                          وقال الزهري : من الله الرسالة ، وعلى رسوله البلاغ ، وعلينا التسليم .

                                                                                                                                                                                          (وقال كعب بن مالك : حين تخلف عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله ) .

                                                                                                                                                                                          وقالت عائشة ، إذا أعجبك حسن عمل امرئ فقل "اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ولا يستخفنك أحد" .

                                                                                                                                                                                          وقال معمر : ذلك الكتاب : هذا القرآن . هدى للمتقين : بيان ودلالة كقوله تعالى ذلكم حكم الله : هذا حكم الله . لا ريب فيه : لا شك . تلك آيات : هذه أعلام القرآن .

                                                                                                                                                                                          وقال أنس : بعث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، خاله حراما إلى قوم وقال : "أتؤمنوني أبلغ رسالة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فجعل يحدثهم" .

                                                                                                                                                                                          أما قول الزهري ، فأنبأنا به محمد بن أحمد بن علي شفاها ، عن يونس بن أبي إسحاق ، أن علي بن الحسين أنبأه ، عن الفضل بن سهل ، عن الخطيب أبي بكر بن ثابت الحافظ ، أنا محمد بن أحمد بن رزق ، ثنا عثمان بن أحمد ، ثنا حنبل بن إسحاق ، ثنا الحميدي ، ثنا سفيان قال : قال رجل للزهري يا أبا بكر : قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : "ليس منا من شق الجيوب" ما معناه؟ فقال الزهري : من الله العلم [ ص: 366 ] وعلى رسوله البلاغ ، وعلينا التسليم .

                                                                                                                                                                                          (وهذا الرجل هو الأوزاعي ) .

                                                                                                                                                                                          أخرجه ابن أبي عاصم في ذكر الدنيا له عن دحيم ، عن الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي قال : قلت للزهري : فذكره في قصة .

                                                                                                                                                                                          وأما قول كعب بن مالك فمضى مسندا في "تفسير براءة" في حديثه الطويل ، وفي آخره قال الله تعالى يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله الآية .

                                                                                                                                                                                          وأما قول عائشة : فقال ابن أبي حاتم : ثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب ، ثنا عمي ، ثنا يونس ، عن الزهري ، أخبرني عروة بن الزبير ، أن عائشة كانت تقول : احتقرت أعمال أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حين نجم القراء ، الذين طعنوا على عثمان ، فقالوا قولا لا يحسن مثله ، وقرأوا قراءة لا يقرأ مثلها ، وصلوا صلاة لا يصلى مثلها ، فلما تذكرت إذا (هم ) والله ما يقاربون عمل أصحاب رسول الله ، فإذا أعجبك حسن عمل امرئ منهم "فقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" ولا يستخفنك أحد .

                                                                                                                                                                                          وقال البخاري في "كتاب خلق أفعال العباد" : ثنا يحيى بن بكير ، حدثني الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، "عن عائشة وذكرت الذي كان من شأن عثمان بن عفان وددت أني كنت نسيا منسيا فوالله ما أحببت أن ينتهك من [ ص: 367 ] عثمان أمر قط ، إلا (قد ) انتهك مني مثله ، حتى والله [لو] أحببت قتله لقتلت .

                                                                                                                                                                                          يا عبيد الله بن عدي لا يغرنك أحد بعد الذي تعلم ، فوالله ما احتقرت عمل أصحاب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، حتى نجم النفر الذين طعنوا في عثمان ، فقالوا قولا لا يحسن مثله . وقرؤوا قراءة لا يحسن مثلها ، وصلوا صلاة لا يصلى مثلها ، فلما تدبرت الصنيع إذا هم والله ما يقاربون أعمال أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فإذا أعجبك حسن قول امرئ فقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله ولا يستخفنك أحد" .

                                                                                                                                                                                          وأما تفاسير معمر وهو أبو عبيدة معمر بن المثنى اللغوي : فأنبأنا محمد بن أحمد البزاز شفاها ، عن يونس بن أبي إسحاق ، عن علي بن حسين ، أنا أبو الفضل محمد بن ناصر الحافظ في كتابه ، عن أبي القاسم بن أبي عبد الله العبدي ، أنا أبو عمر عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب ، أنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني ، ثنا أبو خلفة الفضل بن الحباب الجمحي ، ثنا أبو محمد عبد الله بن محمد النوزي ، ثنا أبو عبيدة بكتاب "معاني القرآن وإعرابه له" ولفظه : ذلك الكتاب : معناه هذا القرآن ، وقد تخاطب العرب الشاهد ، فتظهر له مخاطبة الغائب ، فذكر كلاما ثم قال : لا ريب فيه : أي لا شك فيه . هدى للمتقين : أي بيانا للمتقين . وقال في موضع آخر منه : تلك آيات هذه آيات . وقال في موضع آخر : الآيات : الأعلام .

                                                                                                                                                                                          وأما حديث أنس ، فأسنده المؤلف في "المغازي" وفي "الجهاد" من حديث همام ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس في قصة بئر معونة . أنس [ ص: 368 ] قال : بعث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أقواما من بني سليم إلى بني عامر في سبعين فلما قدموا قال لهم خالي : أتقدمكم فإن أمنوني حتى أبلغهم ، عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وإلا كنتم قريبا مني . فتقدم فأمنوه فبينما هو يحدثهم ، عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فذكر الحديث . ولفظه في المغازي : "قال فانطلق حرام أخو أم سليم ورجل أعرج ، ورجل من بني فلان ، قال : كونا قريبا حتى آتيهم ، فإن آمنوني كنتم ، وإن قتلوني أتيتم أصحابكم فقال : أتؤمنوني أبلغ رسالة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم؟ فجعل يحدثهم وأومأوا إلى رجل فأتاه من خلفه فطعنه" ، فذكر الحديث .

                                                                                                                                                                                          قوله فيه : [7531] حدثنا محمد بن يوسف ، ثنا سفيان ، عن إسماعيل ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : "من حدثك أن محمدا ، صلى الله عليه وسلم ، كتم شيئا . . ." .

                                                                                                                                                                                          وقال محمد ، ثنا أبو عامر العقدي ، ثنا شعبة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة ، قالت : "من حدثك أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، كتم شيئا من الوحي فلا تصدقه ، (فإن ) الله تعالى يقول يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته " .

                                                                                                                                                                                          ورواه الإسماعيلي في مستخرجه ، عن علي بن العباس البجلي ، عن أحمد بن ثابت الجحدري ، عن أبي عامر (العقدي ) به .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية