الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          وأما حديث علي بن عبد الحميد: فأخبرنا به أحمد بن علي بن يحيى بن تميم ، بدمشق، أن أحمد بن أبي طالب ، أخبرهم: أنا عبد الله بن عمر بن علي [بن اللتي] ، أنا أبو الوقت ، أنا عبد الرحمن بن محمد [الداودي] ، أنا عبد الله بن أحمد [السرخسي] أنا عيسى بن عمر [السمرقندي] ، أنا عبد الله بن عبد الرحمن الحافظ ، أنا علي بن عبد الحميد ثنا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك ، قال: لما نهينا أن نبتدئ النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يعجبنا أن يقدم البدوي الأعرابي العاقل، فيسأل النبي، صلى الله عليه وسلم، ونحن عنده، فبينا نحن كذلك إذ جاء أعرابي، فجثا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد ! إن رسولك أتانا، فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: "صدق". قال فبالذي رفع السماء، وبسط الأرض، ونصب الجبال، آلله أرسلك؟  فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: "نعم". قال: فإن [ ص: 70 ] رسولك زعم لنا أنك تزعم أن علينا خمس صلوات في اليوم والليلة. قال النبي، صلى الله عليه وسلم "نعم" قال: فبالذي أرسلك. آلله أمرك بهذا؟ فقال النبي، صلى الله عليه وسلم، "نعم"، قال: فإن رسولك زعم لنا أنك تزعم أن علينا صوم شهر في السنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم "صدق" قال: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟ فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: "نعم". قال: فإن رسولك زعم لنا أنك تزعم أن علينا في أموالنا الزكاة فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: "صدق". قال: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟ فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: "نعم". قال: فإن رسولك زعم لنا (أنك تزعم) أن علينا الحج إلى البيت من استطاع إليه سبيلا. فقال النبي، صلى الله عليه وسلم، "صدق". قال: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟ قال النبي، صلى الله عليه وسلم، نعم. قال: فوالذي بعثك بالحق، لا أدع منهن شيئا، ولا أجاوزهن، قال: ثم وثب الأعرابي، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: "إن صدق الأعرابي دخل الجنة".

                                                                                                                                                                                          رواه الترمذي ، عن محمد بن إسماعيل البخاري. ورواه أبو عوانة ، عن جعفر الصائغ ، كلاهما عن علي بن عبد الحميد ، فوقع لنا بدلا لهما عاليا.

                                                                                                                                                                                          وقد روى هذا الحديث ابن عباس بمعناه، وهو عند أحمد ، وأبي داود والحاكم من طريق محمد بن إسحاق.

                                                                                                                                                                                          قال أحمد: ثنا يعقوب، يعني ابن إبراهيم بن سعد ، حدثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق ، قال: حدثني محمد بن الوليد بن نويفع ، عن كريب مولى ابن عباس ، عن ابن عباس ، قال: بعث بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة ، فذكر الحديث بطوله. [ ص: 71 ]

                                                                                                                                                                                          وفي آخره: أن ضماما قال لقومه عندما رجع إليهم: إن الله قد بعث رسولا، وأنزل عليه كتابا استنقذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به، ونهاكم عنه. قال: فوالله ما أمسى من ذلك اليوم، وفي حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلما، وهو إسناد جيد لتصريح ابن إسحاق بسماعه له. والزيادة التي في آخره هي مراد المصنف، بقوله: أخبر ضمام قومه بذلك فأجازوه.

                                                                                                                                                                                          وله طريق أخرى من رواية عطاء بن السائب ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن ابن عباس ، رواها الدارمي وغيره. وقد صححه غير واحد، والله أعلم.

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية