الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          قوله: [19] باب إذا بين البيعان، ولم يكتما ونصحا.  

                                                                                                                                                                                          ويذكر، عن العداء بن خالد ، قال: كتب لي النبي، صلى الله عليه وسلم: "هذا ما اشترى محمد، رسول الله، صلى الله عليه وسلم من العداء بن خالد، بيع المسلم المسلم، لا داء، ولا خبثة، ولا غائلة". وقال قتادة: الغائلة: الزنا والسرقة والإباق.

                                                                                                                                                                                          وقيل لإبراهيم: إن بعض النخاسين يسمي: آري خراسان، وسجستان، فيقول: جاء أمس من خراسان، وجاء اليوم من سجستان، فكرهه كراهية شديدة.

                                                                                                                                                                                          وقال عقبة بن عامر: لا يحل لامرئ يبيع سلعة، يعلم أن بها داء إلا أخبره (به).

                                                                                                                                                                                          أما حديث العداء بن خالد ، فقرأت على أبي إسحاق البعلي ، بالقاهرة، عن أبي بكر بن أحمد بن عبد الدائم ، أن محمد بن إبراهيم ، أخبره: أنا يحيى بن ثابت بن [ ص: 219 ] بندار ، أنا أبو الحسن بن الخل ، أنا أحمد بن عبد الله المحاملي ، ثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم البزار ، ثنا إسحاق بن الحسن ، ثنا المنهال بن بحر ، ثنا عبد المجيد بن أبي يزيد ، عن العداء بن خالد بن هوذة "أنه اشترى من النبي، صلى الله عليه وسلم، غلاما، وكتب عليه العهدة" قال المنهال: "لا أحفظ في العهدة إلا قول النبي، صلى الله عليه وسلم: "بيع المسلم المسلم".

                                                                                                                                                                                          رواه ابن أبي حاتم: ، عن أحمد بن الحسن بن عباد ، عن المنهال بن بحر ، به فوقع لنا بدلا عاليا.

                                                                                                                                                                                          وأخرجه الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن الجارود في المنتقى، كلهم من حديث عباد بن ليث ، صاحب الكرابيسي ، عن عبد المجيد ، عن العداء بتمامه. وقال الترمذي: حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث عباد.

                                                                                                                                                                                          قلت: ولم ينفرد به عباد كما ترى. والمنهال بن بحر ، المذكور، في روايتنا وثقه أبو حاتم ، وابن حبان ، وأما عباد فمختلف فيه. وعبد المجيد وثق، والحديث حسن في الجملة.

                                                                                                                                                                                          وقد وقع لنا من رواية الأصمعي، عن عثمان الشحام، عن أبي رجاء العطاردي ، عن العداء بن خالد ، نحو هذا. أخرجه ابن منده في المعرفة، والبيهقي في السنن الكبير، وهي متابعة جيدة.

                                                                                                                                                                                          [ ص: 220 ] وقد وقع لي حديث عباد ، عاليا أيضا: قرأته على خديجة بنت الشيخ أبي إسحاق بن سلطان، أخبركم أبو محمد القاسم بن مظفر ، إجازة إن لم يكن سماعا، عن محمود بن إبراهيم [العبدي] ، أن محمد بن أحمد بن عمر ، أخبره: أنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق ، أنا أبي، أنا محمد بن يعقوب بن يوسف هو الأصم ، ثنا أبو قلابة ، حدثني عباد بن ليث ، صاحب الكرابيسي ، حدثني عبد المجيد ، قال: قال لي العداء بن خالد بن هوذة "ألا أقرئك كتابا" فإذا فيه "هذا ما اشترى العداء بن خالد بن هوذة ، من محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، اشترى منه عبدا، أو أمة -عباد شك- لا داء، ولا غائلة، ولا خبثة، بيع المسلم المسلم".  

                                                                                                                                                                                          وأخبرنا به أبو هريرة ابن الذهبي ، إجازة، أنا أبو محمد بن عساكر ، عن أبي الوفاء بن منده ، أنا أبو الرشيد أحمد بن محمد بن أحمد ، أنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق ، أنا أبي، أنا الحسن بن محمد بن حسنويه ، ثنا عبد الله بن محمد بن عيسى ، ثنا عبد العزيز بن معاوية ، ثنا عباد بن الليث مثله.

                                                                                                                                                                                          رواه البيهقي: عن الحاكم ، عن (محمد بن يعقوب وهو) الأصم ، فوقع لنا بدلا عاليا.

                                                                                                                                                                                          وقد تتبعت طرق هذا الحديث من الكتب التي عزوتها إليها، فاتفقت كلها على أن العداء ، هو المشتري، وأن النبي، صلى الله عليه وسلم، هو البائع. وهو بخلاف ما علقه المصنف. فليتأمل.

                                                                                                                                                                                          وأخبرني أبو محمد عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبيد الله المقدسي ، بقراءتي عليه، أنا أحمد بن عبد الرحمن الصرخدي ، وغيره، أنا محمد بن إسماعيل الخطيب ، أنا يحيى [ ص: 221 ] بن محمود الثقفي ، أنا حمزة بن العباس العلوي ، أنا أبو طاهر بن عبد الرحيم ، أنا أبو الشيخ بن حيان ، ثنا أبو عيسى ، ثنا أبو يعلى زكريا بن يحيى المنقري ، ثنا عبد الملك بن قريب الأصمعي ، ثنا عثمان الشحام ، عن أبي رجاء العطاردي ، قال لنا العداء بن خالد: "ألا أحدثكم كتابا كتبه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هذا ما اشترى العداء ابن خالد بن هوذة من (محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم ) ، اشترى منه عبدا، أو أمة -شك عثمان- بيع أو بياعة المسلم، لا داء، ولا غائلة، ولا خبثة، بيع المسلم المسلم.

                                                                                                                                                                                          وقد تؤول، قال القاضي عياض ما وقع في البخاري من ذلك. بأن البخاري ذكره بالمعنى على لغة من يطلق اشترى مكان باع، وباع مكان اشترى، وهو تأويل متكلف، والله الموفق.

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية