قال ابن قتيبة : لما قال المشركون : لله ولد .
ولم يرجعوا عن مقالتهم ، بما أنزل الله على رسوله من التبرؤ من ذلك ، قال الله عز وجل لرسوله : قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون
قل لهم ، إن كان للرحمن ولد أي : عندكم ، وفي ادعائكم ، فأنا أول العابدين أول الموحدين ، ومن وحد الله فقد عبده ، ومن جعل له ولدا أو ندا ، فليس من العابدين ، وإن اجتهد .
[ ص: 83 ] وقال ابن عباس في رواية عطاء : إن كان للرحمن ولد كما تزعمون ، فأنا أول من غضب للرحمن أن يقال : له ولد .
وعلى هذا القول العابد من العبد بمعنى الغضب ، قال الفراء : عبد عليه ، أي : غضب .
وروي أن سفيان بن عيينة سئل عن هذه الآية ، فقال : يقول : فكما أني لست أول من عبد الله ، فكذلك ليس لله ولد .
وهذا كما تقول : إن كنت كاتبا فأنا حاسب ، تريد : لست أنت كاتبا ولا أنا حاسب .
ثم نزه نفسه ، فقال : سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون قال مقاتل : عما يقولون من الكذب .
فذرهم يعني : كفار مكة ، حين كذبوا بالعذاب في الآخرة ، يخوضوا في باطلهم ، ويلعبوا في دنياهم ، حتى يلاقوا يوم القيامة .


