أفمن كان على بينة من ربه يقين من دينه ، كمن زين له سوء عمله يعني : عبادة الأوثان ، واتبعوا أهواءهم في عبادتها .
ثم وصف الجنات التي وعدها المؤمنين بقوله : مثل الجنة أي : صفتها ، وقد تقدم تفسير هذا في سورة الرعد ، التي وعد المتقون قال الكلبي ، ومقاتل : هم أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم يتقون الشرك .
فيها أنهار من ماء غير آسن يقال : أسن الماء ، يأسن ويأسن أسنا وأسنا وأسونا إذا تغير ، وهو الذي لا يشربه أحد من نتنه فهو آسن وأسن ، مثل حاذر وحذر ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه لم يحمض ، كما يتغير ألبان أهل الدنيا ؛ لأنها لم تخرج من ضروع الإبل والغنم ، [ ص: 123 ] وأنهار من خمر لذة للشاربين لذيذة لهم ، كما قال : بيضاء لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى من العكر والكدر ، ولهم فيها في الجنة ، من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار قال الفراء : أراد : أمن كان في هذا النعيم ، كمن هو خالد في النار ؟ وسقوا ماء حميما شديد الحر ، تستعر عليه جهنم منذ خلقت ، فقطع أمعاءهم في الجوف ، من شدة الحر .
أخبرنا عبد الرحمن بن عبدان ، نا محمد بن عبد الله بن محمد البايع ، أخبرني الحسن بن حليم المروزي ، نا أبو الموجه ، أنا عبدان ، نا عبد الله بن المبارك ، نا صفوان بن عمرو ، عن عبد الله بن بسر ، عن أبي أمامة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا شربه قطع أمعاءه حتى تخرج من دبره يقول الله تعالى : وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم .
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن الفضل ، أنا عبد المؤمن بن خلف ، أنا أبو العباس أحمد بن محمد المسروقي ، حدثني علي بن يحيى ، عن محمد بن عبيد الله الكاتب ، قال : قدمت من مكة ، فلما صرت إلى طيزناباذ ، ذكرت بيت أبي نواس :
بطيزناباذ كرم ما مررت به إلا تعجبت ممن يشرب الماء
فهتف بي هاتف ، أسمع صوته ، ولا أراه :[ ص: 124 ]
وفي الجحيم حميم ما تجرعه حلق فأبقى له في البطن أمعاء


