الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين  إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون  

                                                                                                                                                                                                                                      وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا محمد بن محمد بن أحمد بن جعفر ، أنا محمد بن أحمد بن سنان المقرئ ، أنا أحمد بن علي بن المثنى ، نا إسحاق بن أبي إسرائيل ، نا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت أبي يحدث ، عن أنس ، قال : قيل : يا نبي الله لو أتيت عبد الله بن أبي ، فانطلق إليه النبي صلى الله عليه وسلم فركب حمارا ، وانطلق المسلمون يمشون ، وهي أرض سبخة ، فلما أتاه النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : إليك عني فوالله لقد آذاني نتن حمارك ، فقال رجل من الأنصار : والله لحمار رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب ريحا منك ، فغضب لعبد الله رجل من قومه وغضب لكل واحد منهما أصحابه ، وكان بينهما ضرب بالجريد والأيدي والنعال ، فبلغنا أنه أنزلت فيهم وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما  رواه البخاري ، عن مسدد ، ورواه مسلم ، عن محمد بن عبد الأعلى كلاهما عن المعتمر قال الحسن ، وقتادة ، والسدي : فأصلحوا بينهما [ ص: 154 ] بالدعاء إلى حكم كتاب الله ، والرضا بما فيه ، لهما وعليهما .

                                                                                                                                                                                                                                      فإن بغت إحداهما طلبت ما ليس لها ، ولم ترجع إلى الصلح ، فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ترجع إلى طاعة الله ، والصلح الذي أمر الله به .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن بن علي التاجر ، أنا أحمد بن شاذان ، نا أبو القاسم البغوي ، نا أبو نصر التمار ، نا كوثر بن حكيم ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : يا ابن أم عبد " هل تدري كيف حكم الله ، فيمن بغى من هذه الأمة ؟ قال : الله ورسوله أعلم ، قال : لا يجهز على جريحها ، ولا يقتل أسيرها ، ولا يطلب هاربها ، ولا يقسم فيئها" .  

                                                                                                                                                                                                                                      وأقسطوا أي : اعدلوا في الإصلاح بينهما ، وفي كل حكم ، إن الله يحب المقسطين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هم الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم ، وما ولوا "   .

                                                                                                                                                                                                                                      إنما المؤمنون إخوة قال الزجاج : أعلم الله أن الدين يجمعهم ، وأنهم إخوة إذا كانوا متفقين في دينهم ، فرجعوا بالاتفاق في الدين إلى أصل النسب ، لأنهم لآدم وحواء .

                                                                                                                                                                                                                                      فأصلحوا بين أخويكم يعني : بين كل مسلمين تخاصما ، وتقاتلا ، ومعنى الآيتين يأتي على الجميع ؛ لأن تأويله بين كل أخوين .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى التميمي ، نا أبو أحمد الحسين بن علي بن يحيى التميمي ، نا محمد بن إسحاق الثقفي ، نا قتيبة ، نا الليث ، عن عقيل ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله بها عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة "  رواه البخاري ، عن يحيى بن بكير ، ورواه مسلم ، عن قتيبة كلاهما عن الليث .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية