بسم الله الرحمن الرحيم. 
إنا أعطيناك الكوثر   فصل لربك وانحر   إن شانئك هو الأبتر   
إنا أعطيناك الكوثر  أكثر المفسرين على أن الكوثر نهر في الجنة،  يدل عليه ما: 
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد الغازي  ، أنا محمد بن أحمد بن سنان الحيري  ، أنا أحمد بن علي بن المثنى  ، نا  أبو بكر بن أبي شيبة  ، نا  علي بن مسهر  ، عن  المختار بن فلفل  ، عن  أنس بن مالك  ، قال:  "بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسما، فقلت: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: أنزلت علي آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم. 
إنا أعطيناك الكوثر  فصل لربك وانحر  إن شانئك هو الأبتر  ثم قال: أتدرون ما الكوثر؟  قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه نهر وعدني عليه ربي خيرا كثيرا هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد نجوم السماء، فيختلج العبد منه، فأقول: رب إنه من أمتي،  [ ص: 561 ] فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، رواه  مسلم  ، عن  أبي بكر بن أبي شيبة   . 
وأخبرنا محمد  ، أنا محمد  ، أنا أحمد  ، نا هدبة  ، نا همام  ، عن  قتادة  ، عن أنس  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:  "بينا أنا أسير في الجنة إذ أنا بنهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف، فقلت: ما هذا يا جبريل؟  فقال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك، فضرب الملك بيده، فإذا طينه مسك أذفر "، رواه  البخاري  ، عن هدبة.  
أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني  ، أنا عبد الله بن محمد بن جعفر  ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأهوازي  ، نا معمر بن سهل  ، نا  عامر بن مدرك  ، نا محمد بن عبيد الله  ، نا أبو اليقظان  ، عن زاذان  ، عن علي  ،  وأبي الزبير  ، عن  أنس بن مالك  ، قال:  "لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم أبصر نهرا في الجنة قيل: هذا الكوثر،  فأصبح يحدث به الناس، فقال منافق لصاحب له: سله فوالله ما رأينا نهرا قط إلا على شطه نبات، ما نبته؟ فقال: يا نبي الله، إنه ليس من نهر إلا على شطه نبت فما نبته؟ قال: قضبان الذهب الرطب مستعلية عليه تظله، قالوا: إنا لم نر نبتا إلا له ثمر فما ثمره؟ قال: الياقوت واللؤلؤ والزمرد، قالوا: إنا لم نر نهرا إلا له حمأة فما حمأته؟ قال: المسك الأذفر، قالوا: فإنا لم نر نهرا قط إلا يجري على رضراض، فما رضراضه؟ قال: جنادب اللؤلؤ والياقوت والزمرد "، وقال  ابن عباس   : الكوثر الخير الكثير الذي أعطى الله نبيه محمدا  صلى الله عليه وسلم. 
أخبرنا أبو نصر الجوزقي  ، أنا بشر بن أحمد بن بشر  ، أنا أحمد بن علي بن المثنى  ، نا شيبان  ، نا  [ ص: 562 ] مبارك  ، عن  الحسن  ، إنا أعطيناك الكوثر  قال: العلم والقرآن. 
قوله: فصل لربك  يعني: الصلوات الخمس، وانحر البدن بمنى  وقال  محمد بن كعب   : إن ناسا كانوا يصلون لغير الله، وينحرون لغير الله، فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن تكون صلاته ونحره له. 
وقال  ابن عباس  ، في رواية  أبي الجوزاء  في قوله: وانحر  قال: تضع يدك اليمنى على اليسرى في الصلاة، وهو قول علي  رضي الله عنه، وانحر  قال: وضع اليمين على الشمال في الصلاة. وروي مرفوعا: أنه رفع اليمين في الصلاة. 
أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم المشاط  ، أنا أبو عمرو محمد بن جعفر بن مطر  ، نا إبراهيم بن إسحاق الأنماطي  ، نا  أبو حاتم الرازي  ، نا وهب بن أبي مرحوم  ، عن إسرائيل بن حاتم  ، عن مقاتل بن حبان  ، عن  الأصبغ بن نباتة  ، عن  علي بن أبي طالب  رضي الله عنه، قال: لما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم إنا أعطيناك الكوثر  فصل لربك وانحر  قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل   : "ما هذه النحيرة التي أمرني بها، فقال: ليست بنحيرة، ولكنه يأمرك إذا تحرمت للصلاة أن ترفع يديك إذا كبرت، وإذا ركعت، وإذا رفعت رأسك من الركوع  ، فإنها من صلاتنا، وصلاة الملائكة الذين في السماوات السبع، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رفع الأيدي من الاستكانة" قال الله عز وجل: فما استكانوا لربهم وما يتضرعون   . 
 [ ص: 563 ] إن شانئك  مبغضك، هو الأبتر  المنقطع عن الخير،  يعني: العاص بن وائل  ، كان يمر بالنبي صلى الله عليه وسلم، فيقول له: إني لأشنؤك، وإنك لأبتر من الرجال، فأنزل الله عز وجل: إن شانئك هو الأبتر  يعني العاص  من خير الدنيا، وخير الآخرة. 
أخبرنا  محمد بن موسى بن الفضل  ، نا  محمد بن يعقوب  ، نا  أحمد بن عبد الجبار  ، نا  يونس بن بكير  ، عن محمد بن إسحاق  ، حدثني  يزيد بن رومان  ، قال: كان العاص بن وائل السهمي  ، إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوه، فإنما هو رجل أبتر، لا عقب له، لو قد هلك لانقطع ذكره، واسترحتم منه. 
فأنزل الله عز وجل: (إنا أعطيناك الكوثر ) ما هو خير لك من الدنيا وما فيها. 
والكوثر العظيم من الأمر فصل لربك وانحر  إن شانئك هو الأبتر  العاص بن وائل   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					