ثم وعدهم الأجر مع ذلك فقال: أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب ومضى الكلام في سرعة الحساب.
قوله: يا أيها الذين آمنوا اصبروا قال الحسن: على دينكم، فلا تدعوه لشدة.
وقال زيد بن أسلم: اصبروا على الجهاد، وصابروا عدوكم، فلا يكون أصبر منكم، ورابطوا أقيموا على جهاد عدوكم بالحرب.
[ ص: 538 ] وأصله من مرابطة الخيل، وهو ارتباطها بإزاء العدو في بعض الثغور، ثم سمي ملازمة الجهاد رباطا ومرابطة، هذا قول أكثر المفسرين وفيه قول آخر:
أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد الزاهد، أخبرنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه، حدثنا محمد بن معاذ الماليني، حدثنا الحسين بن الحسن بن حرب المروزي، حدثنا ابن المبارك، أخبرنا مصعب بن ثابت، حدثني داوود بن صالح، قال: قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: يابن أخي، هل تدري في أي شيء نزلت هذه الآية يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا ؟ قلت: لا.
قال: إنه لم يكن في زمان النبي صلى الله عليه وسلم غزو يرابطون فيه، ولكن انتظار الصلاة خلف الصلاة.
رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه، عن أبي محمد المزني، عن أحمد بن نجدة.
ودليل صحة هذا القول: الحديث الصحيح الذي.
أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن عبد الله بن زكريا الجوزقي، أخبرنا بشر بن أحمد المهرجاني، أخبرنا محمد بن يحيى بن سليمان المروزي، حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع الدرجات؟ قالوا: بلى، يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة إلى الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط".
[ ص: 539 ] رواه مسلم، عن قتيبة وعلي بن حجر، كلاهما عن إسماعيل بن جعفر، وإنما سمي انتظار الصلاة رباطا; لأن كل من صبر على أمر، يقال: ربط قلبه عليه، وربط نفسه، وقال لبيد:
رابط الجأش على كل وجل
، أي: صابر ثابت.ولهذا قال أبو عبيدة وابن الأنباري في قوله: ورابطوا : اثبتوا وداوموا، واتقوا الله لعلكم تفلحون


