أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير
قوله تعالى: أم تريدون أن تسألوا رسولكم الآية، قال المفسرون: إن اليهود وغيرهم من المشركين تمنوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن قائل يقول: ائتنا بكتاب من السماء جملة كما أتي موسى بالتوراة، ومن قائل [ ص: 191 ] يقول - وهو عبد الله بن أبي أمية المخزومي -: ائتني بكتاب من السماء فيه: من رب العالمين إلى ، اعلم أني قد أرسلت ابن أبي أمية محمدا إلى الناس، ومن قائل يقول: لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلا، فأنزل الله عز وجل: أم تريدون معناه: بل أتريدون، فهو استفهام منقطع عما قبله، أن تسألوا رسولكم محمدا عليه السلام من الاقتراح والتمني، كما سئل موسى من قبل يعني قولهم: أرنا الله جهرة .
قال : معنى الآية: أنهم نهوا أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا خير لهم في السؤال عنه، والسؤال بعد قيام البراهين كفر؛ لذلك قال: الزجاج ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل أي: قصده ووسطه.
ومعنى الضلال: الذهاب عن الاستقامة.
قوله تعالى: ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا قال : نزلت في نفر من اليهود قالوا للمسلمين، بعد وقفة ابن عباس أحد : ألم تروا إلى ما أصابكم؟ ولو كنتم على الحق ما هزمتم، فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم.
وقوله تعالى: (حسدا) أي: يحسدونكم حسدا، من عند أنفسهم أي: في حكمهم وتدينهم ومذهبهم، أي: هذا الحسد مذهب لهم، لم يؤمروا به، من بعد ما تبين لهم الحق في التوراة أن قول محمد صدق، ودينه حق.
قوله: فاعفوا واصفحوا أي: عن مساوئ كلامهم وغل قلوبهم، حتى يأتي الله بأمره قال : يريد: إجلاء عطاء النضير وقتل قريظة ، وفتح خيبر وفدك .
[ ص: 192 ] وقال : يعني: أمر بالقتال في قوله: قتادة قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله الآية، إن الله على كل شيء قدير .
وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير .