الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون  

                                                                                                                                                                                                                                      وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم قال أبي بن كعب: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة آوتهم الأنصار ومنهم العرب عن قوس واحدة، وكانوا لا يبيتون إلا مع السلاح، ولا يصبحون إلا فيه، فقالوا: أترون أنا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين لا نخاف إلا الله، فنزلت هذه الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ليستخلفنهم أي: ليجعلنهم يخلفون من قبلهم، والمعنى: ليورثنهم أرض الكفار من العرب والعجم فيجعلهم ملوكها وساستها وسكانها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: كما استخلف الذين من قبلهم قال مقاتل: يعني بني إسرائيل إذا أهلت الجبابرة بمصر [ ص: 327 ] وأورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وروى أبو بكر بن عياش استخلف بضم التاء وكسر اللام، ووجهه أنه أريد به ما أريد باستخلف، وإذا كان المعنى كذلك، فالوجه قراءة العامة.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم قال ابن عباس: يوسع لهم في البلاد حتى يملكوها، ويظهر دينهم على جميع الأديان.

                                                                                                                                                                                                                                      وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا قال مقاتل: يفعل بهم ذلك وبمن كان بعدهم من هذه الأمة مكن لهم الأرض، وأبدلهم أمنا من بعد خوف، وبسط لهم في الأرض، فقد أنجز الله موعده لهم، وقوله: يعبدونني لا يشركون بي شيئا استئناف كلام في الثناء عليهم، ومن كفر بعد ذلك يعني بهذه النعم، وليس يعني الكفر بالله، والمعنى: من جحد حق هذه النعم فأولئك هم الفاسقون قال ابن عباس: العاصون لله.

                                                                                                                                                                                                                                      قال المفسرون: وأول من كفر بهذه النعم وجحد حقها الذين قتلوا عثمان رضي الله عنه،  فلما قتلوه غير الله ما بهم، وأدخل عليهم الخوف الذي رفعه عنهم حتى صاروا يقتتلون بعد أن كانوا إخوانا متحابين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية