قوله: يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم
[ ص: 328 ] يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم أي: في الدخول عليكم، الذين ملكت أيمانكم يعني: العبيد والإماء، قال ذلك على كل كبير وصغير. عطاء:
والذين لم يبلغوا الحلم منكم من أحراركم من الرجال والنساء، ثلاث مرات يعني: ثلاثة أوقات، ثم فسرها، فقال: من قبل صلاة الفجر وذلك أن الإنسان ربما يبيت عريانا، أو على حال لا يحب أن يراه غيره في تلك الحال، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة يريد المقيل، ومن بعد صلاة العشاء حين يأوي الرجل إلى امرأته ويخلو بها، أمر الله بالاستئذان في الأوقات التي يتخلى فيها الناس ويتكشفون.
وفصلها ثم أجملها بعد التفصيل، فقال: ثلاث عورات لكم أي: هذه الأوقات ثلاث عورات لكم، وسمى هذه الأوقات عورات لأن الإنسان يضع فيها ثيابه فتبدوا عوراته.
ومن قرأ ثلاث عورات - بالنصب - جعله بدلا من قوله: ثلاث مرات ، قال كان أناس من الصحابة يعجبهم أن يوافقوا نساءهم في هذه الساعات ليغتسلوا، ثم يخرجون إلى الصلاة، فأخبرهم الله أن يأمروا الغلمان والمملوكين أن يستأذنوا في هذه الساعات الثلاث . السدي:
قال قلت موسى بن أبي عائشة: للشعبي في هذه الآية: أمنسوخة هي؟ قال: لا.
قلت: قد تركها الناس؟ قال: الله المستعان.
وقوله: ليس عليكم يعني: المؤمنين الأحرار، ولا عليهم يعني: الخدم والغلمان، جناح حرج، بعدهن بعد مضي هذه الأوقات لا حرج في أن لا تستأذنوا في غير هذه الأوقات، طوافون عليكم يريد أنهم خدمكم، فلا بأس أن يدخلوا في غير هذه الأوقات بغير إذن، قال ينقلبون فيكم ليلا ونهارا. مقاتل:
بعضكم على بعض أن يطوف بعضكم، وهو المماليك، على بعض، وهم الموالي.
قوله: وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم يعني: من الأحرار، فليستأذنوا أي: في جميع الأوقات في الدخول عليكم، فالبالغ يستأذن في كل الأوقات، والطفل والمملوك يستأذنان في الثلاث عورات، وقوله: كما استأذن الذين من قبلهم يعني: الأحرار الكبار الذين أمروا بالاستئذان على كل حال، قال سعيد بن المسيب: ليستأذن الرجل على أمه، فإنما أنزلت هذه الآية في ذلك.
قوله: والقواعد من النساء يعني اللاتي قعدن عن الحيض والولد من الكبر، قال القاعدة التي قعدت عن التزوج، وهذا معنى قوله: الزجاج: اللاتي لا يرجون نكاحا قال السدي: هن اللاتي تركن الأزواج وكبرن.
فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن يعني: الجلباب والرداء والقناع الذي فوق الخمار، والمراد بالثياب هاهنا ما ذكر لا كل الثياب، وقوله: غير متبرجات بزينة التبرج أن تظهر المرأة محاسنها من وجهها وجسدها من غير أن يدن بوضع الجلباب أن ترى زينتهن.
قال لها أن تضع الجلباب، ترى بذلك أن تظهر قلائدها وقرطها وما عليها من الزينة. مقاتل:
ثم قال: وأن يستعففن فلا يضعن الجلباب، خير لهن والله سميع لقولكم، عليم بما في قلوبهم.