الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 137 ] فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين  أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون  قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم  وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون  واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون  أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين  أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين  أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين  ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين  

فأصابهم سيئات ما كسبوا يعني عقوبة ما كسبوا من الشرك والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين يعني وما هم بسابقي الله عز وجل بأعمالهم الخبيثة حتى يجزيهم بها ، ثم وعظوا ليعتبروا في توحيده ، وذلك حين مطروا بعد سبع سنين فقال : أولم يعلموا أن الله يبسط يعني يوسع الرزق لمن يشاء ويقدر يعني ويقتر على من يشاء إن في ذلك لآيات يعني لعلامات لقوم يؤمنون يعني يصدقون بتوحيد الله عز وجل.

قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم نزلت في مشركي مكة وذلك أن الله عز وجل أنزل في الفرقان : والذين لا يدعون مع الله إلها آخر فقال وحشي ، مولى المطعم بن عدي بن نوفل : إني قد فعلت هذه الخصال فكيف لي بالتوبة فنزلت فيه : إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما فأسلم وحشي ، فقال مشركو مكة قد قبل من وحشي توبته ، وقد نزل فيه ولم ينزل فينا فنزلت في مشركي مكة : يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم يعني بالإسراف : الشرك والقتل والزنا فلا ذنب أعظم إسرافا من الشرك لا تقنطوا يقول : لا تيأسوا من رحمة الله لأنهم ظنوا ألا توبة لهم إن الله يغفر الذنوب جميعا يعني الشرك والقتل والزنا الذي ذكر في سورة الفرقان إنه هو الغفور الرحيم لمن تاب منها ثم دعاهم إلى التوبة.

فقال سبحانه : وأنيبوا إلى ربكم يقول : وارجعوا من الذنوب إلى الله وأسلموا له يعني وأخلصوا له بالتوحيد ، ثم خوفهم فقال : من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون يعني لا تمنعون من العذاب.

واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من القرآن من ربكم يعني ما ذكر من الطاعة من الحلال والحرام من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة يعني فجأة وأنتم لا تشعرون حين يفجؤكم من قبل أن تقول نفس يا حسرتا يعني يا [ ص: 138 ] ندامتا على ما فرطت يعني ما ضيعت في جنب الله يعني في ذات الله يعني من ذكر الله وإن كنت لمن الساخرين يعني لمن المستهزئين بالقرآن في الدنيا.

أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة يعني رجعة إلى الدنيا فأكون من المحسنين يقول : فأكون من الموحدين لله عز وجل يقول الله تبارك وتعالى ردا عليه بلى قد جاءتك آياتي يعني آيات القرآن فكذبت بها أنها ليست من الله واستكبرت يعني وتكبرت عن إيمان بها وكنت من الكافرين ثم أخبر بما لهم في الآخرة ، فقال سبحانه : ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله بأن معه شريكا وجوههم مسودة أليس لهذا المكذب بتوحيد الله في جهنم مثوى يعني مأوى للمتكبرين عن التوحيد.

التالي السابق


الخدمات العلمية