الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين  واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين  فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم  وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين  

[ ص: 101 ] وقوله سبحانه: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ، وذلك أن الله عز وجل نهى النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن الشهر الحرام أن يقاتلوا في الحرم إلا أن يبدأهم المشركون بالقتال،  وأن النبي صلى الله عليه وسلم بينا هو وأصحابه معتمرون إلى مكة في ذي القعدة، وهم محرمون عام الحديبية، والمسلمون يومئذ ألف وأربعمائة رجل، فصدهم مشركو مكة عن المسجد الحرام وبدأوهم بالقتال، فرخص الله في القتال، فقال سبحانه: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا فتبدأوا بقتالهم في الشهر الحرام وفي الحرم، فإنه عدوان، إن الله لا يحب المعتدين ، ثم قال سبحانه: واقتلوهم حيث ثقفتموهم ، يعني أين أدركتموهم في الحل والحرم، وأخرجوهم من مكة من حيث أخرجوكم ، يعني من مكة، والفتنة أشد من القتل ، يعني الشرك أعظم عند الله عز وجل جرما من القتل، نظيرها: ألا في الفتنة سقطوا ، يعني في الكفر وقعوا، فلما نزلت: واقتلوهم حيث ثقفتموهم ، أنزل الله عز وجل بعد: ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام ، يعني أرض الحرم كله، فنسخت هذه الآية، ثم رخص لهم، حتى يقاتلوكم فيه ، يعني حتى يبدءوا بقتالكم في الحرم، فإن قاتلوكم فيه، فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين إن بدأوا بالقتال في الحرم أن يقاتلوا فيه.

ثم قال سبحانه: فإن انتهوا عن قتالكم ووحدوا ربهم، فإن الله غفور لشركهم رحيم بهم في الإسلام، نظيرها في الأنفال: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله إلى آخر الآية: ثم قال: وقاتلوهم أبدا حتى لا تكون فتنة ، يقول: حتى لا يكون فيهم شرك فيوحدوا ربهم ولا يعبدوا غيره، يعني مشركي العرب خاصة، ويكون ، يعني ويقوم الدين لله ، فيوحدوه ولا يعبدوا غيره، فإن انتهوا عن الشرك ووحدوا ربهم، فلا عدوان ، يعني فلا سبيل إلا على الظالمين الذين لا يوحدون ربهم، نظيرها في القصص: فلا عدوان علي ، يعني فلا سبيل علي.

التالي السابق


الخدمات العلمية