ولله ما في السماوات وما في الأرض وإلى الله ترجع الأمور ، يعني تصير [ ص: 186 ] أمور العباد إليه في الآخرة، وافتخرت الأنصار، فقالت الأوس: منا صاحب الشهادتين، ومنا خزيمة بن ثابت حنظلة غسيل الملائكة، ومنا عاصم بن ثابت بن الأفلح الذي حمت رأسه الدبر، يعني الزنابير، ومنا الذي اهتز العرش لموته، ورضى الله عز وجل بحكمه، والملائكة في أهل قريظة، وقالت الخزرج: منا أربعة أحكموا القرآن، سعد بن معاذ ، أبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت وأبو زيد ، ومنا صاحب راية الأنصار وخطيبهم الذي ناحت الجن عليه، فقالوا: سعد بن عبادة
نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عباده فرميناه بسهمين فلم تخط فؤاده
قوله سبحانه: كنتم خير أمة أخرجت للناس ، يعني خير الناس للناس، وذلك أن مالك بن الضيف ، ووهب بن يهوذا قالا ، لعبد الله بن مسعود ، ومعاذ بن جبل إن ديننا خير مما تدعونا إليه، فأنزل الله عز وجل فيهم: وسالم مولى أبي حذيفة: كنتم خير أمة أخرجت للناس في زمانكم كما فضل بني إسرائيل في زمانهم، تأمرون الناس بالمعروف ، يعني بالإيمان، وتنهون عن المنكر وتؤمنون بتوحيد بالله وتنهوهم عن الظلم وأنتم خير الناس للناس، وغيركم من أهل الأديان لا يأمرون أنفسهم ولا غيرهم بالمعروف، ولا ينهونهم عن المنكر، ثم قال: ولو آمن ، يعني ولو صدق أهل الكتاب ، يعني اليهود بمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الحق، لكان خيرا لهم من الكفر، ثم قال: منهم المؤمنون ، يعني وأصحابه، عبد الله بن سلام وأكثرهم الفاسقون ، يعني العاصين، يعني اليهود.لن يضروكم إلا أذى ، وذلك أن رؤساء اليهود: ، كعب بن مالك وشعبة ، وبحري ، ونعمان ، وأبا ياسر ، وأبا نافع ، وكنانة بن أبي الحقيق ، وابن صوريا ، عمدوا إلى مؤمنيهم فآذوهم لإسلامهم، وهم وأصحابه، فأنزل الله عز وجل: عبد الله بن سلام لن يضروكم اليهود إلا أذى باللسان، وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون .
ثم أخبر عن اليهود، فقال سبحانه: ضربت عليهم الذلة ، يعني المذلة، أين ما ثقفوا ، يعني وجدوا، إلا بحبل من الله وحبل من الناس ، يقول: لا يأمنوا حيث ما توجهوا إلا بعهد من الله، وعهد من الناس، يعني النبي صلى الله عليه وسلم وحده، وباءوا بغضب من الله ، [ ص: 187 ] يعني استوجبوا الغضب من الله، وضربت عليهم الذلة والمسكنة ، يعني الذل والفقر، ذلك الذي نزل بهم بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك الذي أصابهم بما عصوا وكانوا يعتدون في دينهم بما خبر عنهم.