الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون  فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون  يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين  

ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله ، يعني قتلى بدر من قتل من المسلمين يومئذ وهم أربعة عشر رجلا، ستة من المهاجرين، مهجع بن عبد الله مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر: " سيد شهداء أمتي مهجع "،  وهو أول قتيل قتل يوم بدر، رضي الله عنه، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف القرشي ، وعمير بن أبي وقاص بن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ، وذو الشماليل عبد عمرو بن نضلة بن عمرو بن نضلة بن عبد عمرو القيساني ، وعقيل بن بكير ، وصفوان بن بيضاء ، رضي الله عنهم، وثمانية من الأنصار: حارثة بن سراقة ، ويزيد بن الحارث بن جشم ، ومعوذ بن الحارث ، وعوف بن الحارث بن رفاعة ابنا عفراء، الاسم اسم أمهما [ ص: 203 ] عفراء، ورافع بن المعلى ، وسعد بن حنتمة ، وعمرو بن الحمام بن الجموح ، ومبشر بن عبد المنذر.

فقال رجل: يا ليتنا نعلم ما لقي إخواننا الذين قتلوا ببدر، فأنزل الله تعالى: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله ، يعني قتلى بدر، أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون  الثمار في الجنة، وذلك أن الله تعالى جعل أرواح الشهداء طيرا خضرا ترعى في الجنة، لها قناديل معلقة بالعرش  تأوي إلى قناديلها، فاطلع الله عز وجل عليهم، فقال سبحانه: هل تستزيدوني شيئا فأزيدكم؟ قالوا: أولسنا نسرح في الجنة حيث تشاء؟ ثم اطلع عليهم أخرى، فقال سبحانه: هل تستزيدوني شيئا فأزيدكم؟ ثم اطلع الثالثة، فقال سبحانه: هل تستزيدوني شيئا فأزيدكم؟ قالوا: ربنا، نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا فنقاتل في سبيلك مرة أخرى لما نرى من كرامتك إيانا، ثم قالوا فيما بينهم: ليت إخواننا الذين في دار الدنيا يعلمون ما نحن فيه من الكرامة والخير والرزق، فإن شهدوا قتالا سارعوا بأنفسهم إلى الشهادة، فسمع الله عز وجل كلامهم، فأوحى إليهم: أني منزل على نبيكم ومخبر إخوانكم بما أنتم فيه، فاستبشروا بذلك، فأنزل الله عز وجل يحبب الشهادة إلى المؤمنين: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون من الثمار.

ثم قال سبحانه: فرحين بما آتاهم الله ، يعني راضين بما أعطاهم الله من فضله ، يعني الرزق، ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ، يعني من بعدهم من إخوانهم في الدنيا أنهم لو رأوا قتالا لاستشهدوا ليلحقوا بهم، ثم قال سبحانه ألا خوف عليهم من العذاب، ولا هم يحزنون عند الموت، يستبشرون بنعمة من الله ، يعني رحمة من الله وفضل ورزق، وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين ، يعني أجر المصدقين بتوحيد الله عز وجل.

التالي السابق


الخدمات العلمية