الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون  فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون  ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون  أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون  ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين  والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين  

[ ص: 525 ] ثم قال تعالى: وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب يعني وباطلا وإن الدار الآخرة يعني الجنة لهي الحيوان يقول: لهي دار الحياة لا موت فيها لو كانوا يعلمون ولكنهم لا يعلمون.

فإذا ركبوا في الفلك يعني السفن، يعني كفار مكة يعظهم ليعتبروا دعوا الله مخلصين له الدين يعني موحدين له بالتوحيد فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون فلا يوحدون كما يوحدونه عز وجل في البحر.

ليكفروا بما آتيناهم يعني لئلا يكفروا بما أعطيناهم في البحر من العافية حين سلمهم الله عز وجل من البلاء وأنجاهم من اليم، وليتمتعوا إلى منتهى آجالهم فسوف يعلمون هذا وعيد.

أولم يروا يعني كفار مكة يعظهم ليعتبروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم فيقتلون ويسبون فادفع عنهم، وهم يأكلون رزقي ويعبدون غيري، فلست أسلط عليهم عدوهم إذا أسلموا نزلت في الحارث بن نوفل القرشي ، نظيرها في "طسم" القصص، ثم بين لهم ما يعبدون، فقال سبحانه: أفبالباطل يؤمنون ؟ يعني أفبالشيطان يصدقون أن لله تعالى شريكا، وبنعمة الله الذي أطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف يكفرون فلا يؤمنون برب هذه النعمة، فيوحدونه عز وجل.

ثم قال تعالى ذكره: ومن أظلم يقول: فلا أحد أظلم، ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق يعني بالتوحيد لما جاءه يعني حين جاءه، ثم قال تعالى: أليس في جهنم يقول: أما لهذا المكذب بالتوحيد في جهنم مثوى يعني مأوى للكافرين بالتوحيد.

والذين جاهدوا فينا يعني عملوا بالخير لله عز وجل، مثلها في آخر الحج، لنهدينهم سبلنا يعني ديننا وإن الله لمع المحسنين لهم في العون لهم.

تم بحمد الله الجزء الثاني، ويليه بإذن الله الجزء الثالث والأخير، وأوله سورة الروم.

التالي السابق


الخدمات العلمية