الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون
الطلاق مرتان قال يحيى : بلغنا أن أهل الجاهلية لم يكن لهم حد في الطلاق ، كان يطلق أحدهم العشر وأقل من ذلك وأكثر ، فجعل الله حد الطلاق ثلاثا ، ثم قال : الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان وبلغنا الطلاق مرتان فأين الثالثة ؟ قال : قوله تعالى : أو تسريح بإحسان . أن رجلا قال : (يا رسول الله ، قول الله :
[ ص: 231 ] قال القراءة (فإمساك) بالرفع على معنى : فالواجب عليكم إمساك بمعروف ، أو تسريح بإحسان . ومعنى (بمعروف) بما يعرف من إقامة الحق ؛ في إمساك المرأة وقوله تعالى : محمد : الطلاق مرتان معناه : الطلاق الذي يملك فيه الرجعة تطليقتان . ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله يعني : أمر الله في أنفسهما ؛ وذلك أنه يخاف من المرأة في نفسها إذا كانت مبغضة لزوجها فتعصي الله فيه ، ويخاف من الزوج إن لم يطلقها أن يتعدى عليها .
قال الذي يدل عليه تفسير محمد : يحيى : أن القراءة كانت عنده [يخافا] بضم الياء ، وكذلك قرأها أبو جعفر وقرأها وحمزة . نافع وغير واحد [يخافا] بالفتح ؛ ذكره أبو عبيد .
قال أبو عبيد : والقراءة عندنا بضم الياء ؛ لقوله تعالى : فإن خفتم فجعل الخوف لغيرهما ، ولم يقل : فإن خافا .
[ ص: 232 ] قال خاطب بهذا الولاة قتادة : ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله يعني : سنة الله وأمره في الطلاق فلا تعتدوها أي : لا تتعدوها إلى غيرها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون لأنفسهم .
قال ومعنى حدود الله : ما حده مما لا تجوز مجاوزته إلى غيره ، وأصل الحد في اللغة : المنع ؛ يقال : حددت الدار ؛ أي : بينت الأمكنة التي تمنع غيرها أن يدخل فيها ، وحددت الرجل أقمت عليه الحد ، والحد : هو الذي يمتنع به الناس من أن يدخلوا فيما يجلب إليهم العقوبة . محمد :
قوله تعالى : فإن طلقها يعني : الثالثة فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره .
يحيى : عن سعيد ، عن قتادة : تميمة بنت عبيد بن وهب القرظية طلقها زوجها ، فخلف عليها عبد الرحمن بن الزبير فطلقها ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته ؛ هل ترجع إلى زوجها الأول . فقال لها : هل غشيك ؟ فقالت : ما كان ، ما عنده بأغنى عنه من هدبة ثوبي ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ، حتى تذوقي من عسيلة غيره . فقالت : يا رسول الله ، قد غشيني . فقال : اللهم إن كانت كاذبة فاحرمها إياه . فأتت أبا بكر بعده فلم يرخص لها ، ثم أتت فلم يرخص لها) . عمر (أن
[ ص: 233 ]