446 - محمد بن محمد بن إدريس الشافعي الإمام أبو عثمان   . 
سمع أباه  وسفيان بن عيينة  ، وسأل إمامنا عن أشياء.  [ ص: 316 ] 
منها: ما أنبأنا المبارك  ، أخبرنا إبراهيم  ، حدثنا محمد بن العباس  ، حدثنا جعفر الصندلي  قال: أخبرنا خطاب بن بشر  قال: أتينا  أحمد بن حنبل  في النصف من رجب سنة ثلاث وثلاثين ومائتين أنا وأبو عثمان ابن الشافعي  ، فذكر له ابن الشافعي  أمر  مالك  ، وما كان يذهب إليه من ترك أحاديث رواها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر له أمر  ابن أبي ذئب  ، وأثنى عليه فقال: كان  ابن أبي ذئب  يشبه بسعيد بن المسيب  في خشونته ومذهبه، وذكر اتباعه لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: كان يقول في  مالك  وفي تركه الحديث يرويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر له "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" وترك  مالك  الأخذ به حتى يبلغ به، يعني القتل، وذكر كلاما لأبي جعفر  ، ورأيته يترحم عليه كثيرا، وقال: كان يحضر هو  ومالك  عند السلطان، فلا يزال يتكلم  ومالك  ساكت، وذكر له ابن الشافعي  عن الحديث الذي يرويه  مالك  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وخالفه، فقال: هذا تخليط. 
وسأله ابن الشافعي  عن الحديث الذي يرويه  مالك  ،  وابن أبي ذئب  في مذهب أهل المدينة  في إتيان النساء في أدبارهن.  فقال: ما أدري أي شيء هذا؟ الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في خلاف هذا كثيرة، وهو الحق عندنا، قال الله - عز وجل - : " فأتوا حرثكم أنى شئتم   " الحرث لا يكون إلا موضع الولد، أو شبهة بهذا؟ 
وسأله ابن الشافعي  عن جلود الميتة؟  فقال: لا ينتفع منها بإهاب ولا عصب. إلى هذا أذهب، ثم قال: كيف يكون الدباغ ذكاة؟ يعقل هذا العرب؟ أرأيت لحم الميتة يذكيه الدباغ؟ إنما الدباغ قرظ وما أشبهه. فقال له ابن الشافعي   : ليس يعقل هذا في اللغة، ولكن الخبر الذي روي فيه؟ فقال: دع الخبر، الخبر فيه اضطراب، كلهم لا يذكرون فيه الدباغ إلا  ابن عيينة  وحده، وقد خالفه  مالك  وغيره، والذين ذهبوا إلى هذا الخبر ذهبوا إلى الانتفاع به غير مدبوغ. وهكذا  [ ص: 317 ] يروى عن  ابن شهاب  أنه يرى الانتفاع بالجلد وإن لم يدبغ. والخبر مضطرب بعضهم يقول: شاة  لميمونة  ، وبعضهم يقول:  لسودة   . 
وذلك الخبر صحيح، وقد سمعت أبا عبد الله الشافعي  ورجل يناظره فيه. وكان يذهب إلى الدباغ فيه: أنه يطهره، فقال للذي يناظره - وقد أضجره - وجلدك أيضا إن دبغ انتفع به؟ 
وذكر  أحمد  حديث  ابن وعلة  عن  ابن عباس   "أيما إهاب دبغ فقد طهر" ، وذكر  ابن وعلة  فضعفه، فقال له أبو عثمان ابن الشافعي   : لا يزال الناس بخير ما من الله عليهم ببقائك وكلاما من هذا النحو كثيرا. فقال: لا تقل هذا يا أبا عثمان   . 
وسأله ابن الشافعي   - وأنا أسمع - عن الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم؟ فقال: لا يجهر بها. هكذا: جاء الحديث، ولكن يخفيها في نفسه، وهي آية من كتاب الله. 
وسئل  أحمد  عن القراءة خلف الإمام؟  فقال: لا يقرأ فيما يجهر، ويقرأ فيما أسر في الركعتين الأوليين بالحمد وسورة، وفي الركعتين الأخريين بالحمد. فقال له رجل: فإن كان للإمام سكتة فيما يجهر يقرأ؟ فقال: إن كان يمكنه أن يقرأ يقرأ، ولا أحب أن يقرأ والإمام يجهر، وجعل يعجب ممن يذهب إلى هذا، وقال: أليس يدرك الإمام راكعا فيركع معه ولا يقرأ. وهذا أبو بكرة  قد جاء والإمام راكع فركع دون الصف، فاحتسب بها، فقال له ابن الشافعي   : الذي يذهب إلى هذا يذهب إلى الحديث: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب  " فقال: قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من كان له إمام، فقراءة الإمام له قراءة  ". 
وتوفي أبو عثمان ابن الشافعي  في سنة إحدى وثمانين ومائتين. 
				
						
						
