992 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، نا أبو العباس الأصم ، نا محمد بن الجهم ، نا الفراء ، في قوله سبحانه : بل عجبت ويسخرون قرأها الناس بنصب التاء ورفعها ، والرفع أحب إلي ؛ لأنها قراءة علي ، وعبد الله ، وابن عباس رضي الله عنهم . قال [ ص: 416 ] الفراء : وحدثني مندل بن علي العنزي عن الأعمش قال : قال شقيق : قرأت عند شريح بل عجبت ويسخرون فقال : إن الله لا يعجب من شيء ، إنما يعجب من لا يعلم . قال يريد الأعمش فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي ، فقال : إن شريحا شاعر يعجبه علمه ، وعبد الله أعلم منه بذلك ، قرأها : بل عجبت ويسخرون قال أبو زكريا الفراء : " العجب وإن أسند إلى الله تعالى فليس معناه من الله كمعناه من العباد ، ألا ترى أنه قال : فيسخرون منهم سخر الله منهم وليس السخري من الله كمعناه من العباد ، وكذلك قوله : الله يستهزئ بهم ليس ذلك من الله كمعناه من العباد ، وفي هذا بيان الكسر لقول شريح ، وإن كان جائزا لأن المفسرين قالوا : بل عجبت يا محمد ويسخرون هم ، فهذا وجه النصب . قال الشيخ : وتمام ما قال الفراء في قول غيره ، وهو أن قوله بل عجبت ويسخرون بالرفع أي : جازيتهم على عجبهم لأن الله سبحانه أخبر عنهم في غير موضع بالتعجب من الحق ، فقال : وعجبوا أن جاءهم منذر فأخبر عنهم أيضا أنهم قالوا : إن هذا لشيء عجاب فقال تعالى : بل عجبت أي بل جازيت على التعجب . وقد قيل : إن " قل " مضمر فيه ومعناه : قل يا محمد : بل عجبت أنا من قدرة الله . والأول أصح . وقد يكون العجب بمعنى الرضا في مثل ما مضى من قصة الإيثار وحديث الاستغفار ، وقد يكون العجب بمعنى وقوع ذلك العمل عند الله عظيما ، فيكون معنى [ ص: 417 ] قوله بل عجبت أي : بل عظم فعلهم عندي .


