الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
992 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، نا أبو العباس الأصم ، نا محمد بن الجهم ، نا الفراء ، في قوله سبحانه : بل عجبت ويسخرون قرأها الناس بنصب التاء ورفعها ،  والرفع أحب إلي ؛ لأنها قراءة علي ، وعبد الله ، وابن عباس رضي الله عنهم . قال [ ص: 416 ] الفراء : وحدثني مندل بن علي العنزي عن الأعمش قال : قال شقيق : قرأت عند شريح بل عجبت ويسخرون فقال : إن الله لا يعجب من شيء ، إنما يعجب من لا يعلم .  قال يريد الأعمش فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي ، فقال : إن شريحا شاعر يعجبه علمه ، وعبد الله أعلم منه بذلك ، قرأها : بل عجبت ويسخرون قال أبو زكريا الفراء : " العجب وإن أسند إلى الله تعالى فليس معناه من الله كمعناه من العباد ، ألا ترى أنه قال : فيسخرون منهم سخر الله منهم وليس السخري من الله كمعناه من العباد ، وكذلك قوله : الله يستهزئ بهم ليس ذلك من الله كمعناه من العباد ، وفي هذا بيان الكسر لقول شريح ، وإن كان جائزا لأن المفسرين قالوا : بل عجبت يا محمد ويسخرون هم ، فهذا وجه النصب . قال الشيخ : وتمام ما قال الفراء في قول غيره ، وهو أن قوله بل عجبت ويسخرون بالرفع أي : جازيتهم على عجبهم لأن الله سبحانه أخبر عنهم في غير موضع بالتعجب من الحق ، فقال : وعجبوا أن جاءهم منذر فأخبر عنهم أيضا أنهم قالوا : إن هذا لشيء عجاب فقال تعالى : بل عجبت أي بل جازيت على التعجب . وقد قيل : إن " قل " مضمر فيه ومعناه : قل يا محمد : بل عجبت أنا من قدرة الله . والأول أصح . وقد يكون العجب بمعنى الرضا في مثل ما مضى من قصة الإيثار وحديث الاستغفار ، وقد يكون العجب بمعنى وقوع ذلك العمل عند الله عظيما ، فيكون معنى [ ص: 417 ] قوله بل عجبت أي : بل عظم فعلهم عندي .

التالي السابق


الخدمات العلمية