الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
650 - ذكر إبراهيم بن شيبان القرميسيني رحمه الله تعالى

شيخ الجبل، صاحب الأسفار الكثيرة على التوكل والتجريد من الشيوخ الكبار، صاحب أبي عبد الله المغربي ، وصحب إبراهيم الخواص أيضا في أسفاره، وله في أسفاره عجائب لقيها.

قال إبراهيم بن شيبان: بينما أنا جاء بين الجزيرة والرقة ومعي جماعة من أصحابنا وفيهم غلام صغير السن حدث، فأردنا ركوب الفرات فتعلق الغلام بي، فقال: يا أبا إسحاق أنا لا أطيق ركوب البحر فتلطفت له وأدخلته المركب وأجلسته إلى جنبي وسددت عينيه كي لا يرى الماء حتى عبرنا وخرجنا إلى جزيرة يقال لها: دوسر، والغلام معي، وقمت أنا أصلي وكان في القوم من يقرأ القرآن طيبا فقعد الغلام يسمع على لجة الفرات، فانزعج واضطرب وقام فرمى بنفسه في الفرات وشق الفرات شقا كأنه سهم وأنا أومئ إلى أصحابي، فأسبح في الصلاة، فرأيته كأنه على رفرف قاعد، حتى عبر الفرات وجلس، ونحن ننظر إليه متحيرين في أمره متعجبين من فعله، فاشترينا زورقا بدرهمين، والفرات هائج حتى عبرنا [ ص: 1340 ] وأتى الغلام إلينا فنظرنا إلى ثيابه فإذا أسفل حقويه رطب والباقي جاف.

وقال إبراهيم بن شيبان: ما أعز الله عبدا بعز أعز من أن يذله على ذل نفسه،  وما أذل الله عبدا بذل أذل من أن يحجبه عن ذل نفسه.

وقال إبراهيم بن شيبان: الخلق محل الآفات وأكثرهم منه آفة من يأنس بهم أو يسكن إليهم، وقال إبراهيم بن شيبان: حججت في بعض السنين فدخلت المدينة وخرجت إلى القبر وقلت: السلام عليك يا رسول الله، فقال: وعليك يا إبراهيم.

وقال إبراهيم بن شيبان: صحبت أبا عبد الله المغربي ثلاثين سنة، فدخلت عليه يوما وهو يأكل فقال لي: ادن كل معي، فقلت: إني صحبتك منذ ثلاثين سنة لم تدعني إلى طعامك إلا اليوم، فما بالك دعوتني اليوم؟ فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "لا يأكل طعامك إلا تقي"  ولم يظهر لي تقاك إلا اليوم وقال إبراهيم بن شيبان: سمعت سهل بن عبد الله يقول: ما من يوم إلا والجليل جل جلاله يقول: يا ابن آدم ما أنصفتني، أذكرك وتنساني، وأدعوك إلي وتذهب إلى غيري، وأدفع عنك البلايا وأنت معكوف على الخطايا، يا ابن آدم: ماذا تقول إذا جئتني غدا؟ [ ص: 1341 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية