الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عثمان الجزري ، عن مقسم مولى ابن عباس عن ابن عباس أن عقبة بن أبي معيط ، وأبي بن خلف الجمحي ، قال عقبة بن أبي معيط لأبي بن خلف وكانا خليلين في الجاهلية فقال: لا أرضى عنك أبدا حتى تأتي محمدا فتتفل في وجهه وتكذبه وتشتمه، وكان قد أتى النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك وعرض عليه الإسلام، فلما سمع عقبة بذلك، قال: لا أرضى عنك أبدا حتى تكذبه وتتفل في وجهه، فلم يسلطه الله على ذلك، فلما كان يوم بدر أسر عقبة بن أبي معيط في الأسارى، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل  فقال: يا محمد من بين هؤلاء أقتل؟ قال: نعم، فقال: لم؟ قال: بكفرك وفجورك وعتوك على الله وعلى رسوله، قال مقسم : فبلغنا والله أعلم أنه قال: فمن للصبية؟ قال: فيقال: إنه قال: النار، قال: فقام علي بن أبي طالب فضرب عنقه، وأما أبي بن خلف فقال: والله لأقتلن محمدا ، فبلغ [ ص: 69 ] ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: بل أنا أقتله إن شاء الله، قال: فانطلق رجل حتى أتى أبي بن خلف فقال: إن محمدا حين قيل له ما قلت قال: بل أنا أقتله، فأفزعه ذلك، وقال: أنشدك بالله أسمعته يقول ذلك؟ ووقعت في نفسه؛ لأنهم لم يسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قولا إلا كان حقا، قال: فلما كان يوم أحد خرج أبي بن خلف مع المشركين فجعل يلتمس غفلة النبي صلى الله عليه وسلم ليحمل عليه، فيحول رجل من المسلمين بين النبي صلى الله عليه وسلم وبينه، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خلوا عنه، وأخذ الحربة فرجله بها فتقع في ترقوته تحت تسبغة البيضة، وفوق الدرع فلم يخرج كبير دم، واحتقن الدم في جوفه فخر يخور كما يخور الثور، فأقبل أصحابه حتى احتملوه وهو يخور فقالوا: ما هذا؟ فوالله ما كان إلا خدش، فقال: والله لو لم يصبني إلا بريقه لقتلني أليس قد قال: بل أنا أقتله، والله لو كان الذي بي بأهل الحجاز لقتلهم، قال: فما لبث إلا يوما أو نحو ذلك حتى مات إلى النار، فأنزل الله تعالى: ويوم يعض الظالم على يديه حتى بلغ خذولا   .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية