الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
والموضع الآخر في سورة العنكبوت قوله عز وجل: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم  فيه ثلاثة أقوال من العلماء من قال هو منسوخ ومنهم من قال هو محكم يراد به من آمن منهم ومنهم من قال هو محكم يراد به ذوو العهد منهم فمن قال هو منسوخ احتج بأن الآية مكية فنسخ هذا بالأمر بالقتال.

746 - كما حدثنا محمد بن جعفر الأنباري ، قال حدثني موسى بن هارون ، قال: حدثنا حسين ، قال: حدثنا شيبان ، عن قتادة ، في قوله تعالى: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن  قال: " نسختها: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر .

[ ص: 577 ] والقول الثاني قول ابن زيد قال: 747 - لا يجادل المؤمنون منهم إذا أسلموا لعلهم يحدثون بالشيء فيكون كما قالوا: إلا الذين ظلموا منهم من أقام على الكفر يجادل ويقال له الشر " والقول الثالث قول مجاهد:

748 - ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم "من قاتل ولم يعط الجزية" .

قال أبو جعفر: فمن قال: هي منسوخة احتج بأنها مكية وقول مجاهد حسن لأن أحكام الله عز وجل لا ينبغي أن يقال فيها إنها منسوخة إلا بخبر يقطع العذر أو حجة من معقول فيكون المعنى ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالقول الجميل أي بالدعاء إلى الله عز وجل والتنبيه على حججه وإذا حدثوكم بحديث يحتمل أن يكون كما قالوا فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم فهذا الذي هو أحسن ويدل على صحته أنه:

749 - قرئ على أحمد بن شعيب ، عن محمد بن المثنى ، عن عثمان هو ابن عمر قال: حدثنا علي وهو ابن المبارك ، قال: حدثنا يحيى وهو ابن أبي كثير عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة [ ص: 578 ] بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم  وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون" .

قال أبو جعفر: ويكون الذين ظلموا كما قال مجاهد أهل الحرب وإن كان الكفار كلهم ظالمين لأنفسهم فإنما التقدير هاهنا إلا الذين ظلموا منهم أهل الإيمان وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا من القرآن وإليكم من التوراة والإنجيل والزبور وإلهنا وإلهكم واحد أي معبودنا واحد لا ما اتخذتموه إلها ونحن له مسلمون أي خاضعون متذللون لما أمرنا به ونهانا عنه.

[ ص: 579 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية