الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
536 - سمعت أبا الحسين أحمد بن جعفر العلوي بالكوفة يقول: سمعت أبي يحدث عن آبائه أن أبا جعفر المنصور كان يرحل في طلب [ ص: 574 ] العلم قبل الخلافة، فبينا هو يدخل منزلا من المنازل قبض عليه صاحب الرصد، فقال: زن درهمين قبل أن تدخل، قال: خل عني، فإني رجل من بني هاشم، قال: زن درهمين،  قال: خل عني، فإني رجل من بني أعمام رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: زن درهمين، قال: خل عني، فإني رجل قارئ لكتاب الله، قال: زن درهمين، قال: خل عني، فإني رجل عالم بالفقه والفرائض، قال: زن درهمين، قال: فلما أعياه أمره وزن الدرهمين، ولزم جمع المال والتدنق فيه، فبقي على ذلك برهة من زمانه إلى أن قلد الخلافة، وبقي عليه فصار الناس يبخلونه فلقب بأبي الدوانيق .

537 - سمعت أبا الحسن أحمد بن الخضر الشافعي يقول: سمعت جعفر بن أحمد الحافظ يقول: كنا في مجلس محمد بن رافع في منزله قعودا تحت الشجرة، وهو مستند إليها يقرأ علينا، وكان إذا رفع في المجلس أحد صوته، أو تبسم قام، فلا يقدر أحد منا على مراجعته، قال: فوقع ذرق طائر على يدي وقلمي وكتابي، فضحك خادم من خدم طاهر بن عبد الله وأولاده معنا في المجلس، فنظر إليه محمد بن رافع فوضع الكتاب فأنهى ذلك الخبر إلى السلطان، فجاءني الخادم عند السحر، ومعه حمال على ظهره بيت سامان، فقال: والله ما كنت أملك في الوقت شيئا أحمله إليك غير هذا، وهو هدية لك، فإن سئلت عني، فقل: لا أدري من تبسم، فقلت: أفعل، فلما كان عند الغداة وحملت إلى باب السلطان فبرأت الخادم مما قيل، ثم بعت السامان بثلاثين دينارا فاستعنت به في الخروج إلى العراق، وبارك الله لي فيه، فلقبت بالحصيري، وما بعت الحصير، ولا باعه أحد من آبائي ". [ ص: 575 ]

538 - أخبرنا أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير بن القاسم الخواص ، قال: سمعت رويم بن محمد بن رويم بن يزيد يقول: كنا عند داود بن علي الأصبهاني ، إذ دخل عليه ابنه محمد ، وهو يبكي، وكان يعزه فضمه إليه، وقال: ما يبكيك؟ قال: الصبيان يلقبونني، قال: فعلى إيش حتى أنهاهم، قال: يقولون لي شيئا، قال: قل لي ما هو حتى أنهاهم عن الذي يقولون، قال: يقولون لي: يا عصفور الشوك، قال: فضحك داود، فقال له ابنه: أنت أشد علي من الصبيان مم تضحك؟ قال: فقال داود: لا إله إلا الله، ما ذي الألقاب إلا من السماء، ما أنت يا بني إلا عصفور الشوك.

قال أبو عبد الله: فقد ذكرت في ألقاب المتأخرين بعض ما رويته عن شيوخي، فأما الألقاب التي يعرف بها الرواة فأكثر من أن يمكن ذكرها في هذا الموضع، وأصحاب التواريخ من أئمتنا رضي الله عنهم فقد ذكروها فأغنى ذلك عن ذكرها في هذا الموضع. [ ص: 576 ] [ ص: 577 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية