الوجه السادس :
قوله : فقال رسول الله . [1] - صلى الله عليه وسلم - : . من مات ، ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية
يقال له [2] أولا : من روى هذا الحديث بهذا اللفظ ، وأين إسناده ؟ . وكيف يجوز أن يحتج بنقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير بيان الطريق الذي به يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله ؟ وهذا لو كان مجهول الحال عند أهل العلم بالحديث ، فكيف وهذا الحديث بهذا اللفظ لا يعرف ؟ .
إنما الحديث المعروف مثل ما روى في صحيحه مسلم [3] عن نافع قال : عبد الله ] [4] بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن ، فقال : اطرحوا يزيد بن معاوية لأبي عبد الرحمن ، وسادة .
[ ص: 111 ] فقال : إني لم آتك لأجلس أتيتك لأحدثك حديثا سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوله . سمعته يقول : ( من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية . ) . جاء [
وهذا حدث به [5] [ عبد الله ] [6] بن عمر لعبد الله بن مطيع [ بن الأسود ] [7] لما خلعوا طاعة أمير وقتهم يزيد مع أنه كان فيه من الظلم ما كان ، ثم إنه اقتتل هو وهم ، وفعل بأهل الحرة أمورا منكرة .
فعلم أن هذا الحديث دل على ما دل عليه سائر الأحاديث الآتية من أنه لا يخرج على ولاة أمور المسلمين بالسيف ، وأن من لم يكن [8] مطيعا لولاة الأمور مات ميتة جاهلية ، وهذا ضد قول الرافضة ، فإنهم أعظم الناس مخالفة لولاة الأمور ، وأبعد الناس عن طاعتهم إلا كرها .
ونحن نطالبهم أولا بصحة النقل ، ثم بتقدير أن يكون ناقله واحدا ، فكيف يجوز أن يثبت أصل الإيمان بخبر مثل هذا [ الذي ] [9] لا يعرف له ناقل ، وإن عرف له ناقل أمكن خطؤه ، وكذبه ، وهل يثبت أصل الإيمان إلا بطريق علمي .