الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  الوجه الثامن :

                  أن هذا الحديث الذي ذكره حجة على الرافضة ؛ لأنهم لا يعرفون إمام زمانهم ، فإنهم يدعون أنه الغائب المنتظر محمد بن الحسن الذي دخل [ ص: 114 ] سرداب سامرا سنة ستين ، ومائتين ، أو نحوها ، ولم يميز بعد [1] ، بل كان عمره إما سنتين ، أو ثلاثا ، أو خمسا [2] ، أو نحو ذلك ، وله الآن - على قولهم - أكثر من أربعمائة وخمسين [3] سنة ، ولم ير له عين ، ولا أثر ، ولا سمع له حس ، ولا خبر .

                  فليس فيهم أحد يعرفه لا بعينه ، ولا صفته لكن يقولون : إن هذا الشخص الذي لم يره أحد ، ولم يسمع له خبر هو إمام زمانهم ، ومعلوم أن هذا ليس هو معرفة بالإمام .

                  ونظير هذا أن يكون لرجل قريب من بني عمه في الدنيا ، ولا يعرف شيئا من أحواله ، فهذا لا يعرف ابن عمه ، وكذلك المال الملتقط إذا عرف أن له مالكا ، ولم يعرف عينه لم يكن عارفا لصاحب اللقطة [4] ، بل هذا أعرف ؛ لأن هذا [5] يمكن ترتيب بعض أحكام الملك ، والنسب [ عليه ] [6] ، وأما المنتظر ، فلا يعرف له حال ينتفع به في الإمامة .

                  فإن معرفة الإمام الذي يخرج [7] الإنسان من الجاهلية هي المعرفة التي يحصل بها طاعة وجماعة ، خلاف ما كان عليه أهل الجاهلية ، فإنهم لم يكن لهم إمام يجمعهم ، ولا جماعة تعصمهم ، والله [8] تعالى بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - ، وهداهم به إلى الطاعة ، والجماعة ، وهذا المنتظر لا . [ ص: 115 ] يحصل بمعرفته طاعة ، ولا جماعة ، فلم يعرف معرفة تخرج الإنسان من [ حال ] [9] الجاهلية ، بل المنتسبون إليه أعظم الطوائف جاهلية ، وأشبههم بالجاهلية ، وإن لم يدخلوا في طاعة غيرهم - إما طاعة كافر ، وإما [10] طاعة مسلم هو عندهم من الكفار ، أو النواصب [11] - لم ينتظم لهم مصلحة لكثرة اختلافهم ، وافتراقهم ، وخروجهم عن الطاعة ، والجماعة [12] .

                  وهذا يتبين [13] .

                  بالوجه [14]

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية