وأما قوله [1] . : " وأخذوا أحكامهم [2] . الفروعية عن ، الناقلين عن جدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأئمة المعصومين [3] . " . . . إلى آخره .
فيقال : أولا : القوم المذكورون إنما كانوا يتعلمون حديث جدهم [4] . من العلماء به كما يتعلم سائر المسلمين ، وهذا متواتر عنهم . فعلي بن الحسين [5] . يروي تارة عن أبان بن عثمان بن عفان [6] . عن [7] : قول ب أسامة بن زيد [8] . النبي - صلى الله عليه وسلم - : " رواه " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم البخاري في [ الصحيحين ومسلم [9] . ، وسمع من [ ص: 455 ] قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أبي هريرة " أخرجاه في الصحيحين من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوا من النار حتى فرجه بفرجه [10] . .
ويروى عن رضي الله عنه عن رجال من ابن عباس الأنصار : " " رواه رمي بنجم فاستنار مسلم [11] . ] [12] . .
[ ص: 456 ] وأبو جعفر محمد بن علي يروي عن حديث مناسك الحج الطويل ، وهو أحسن ما روي في هذا الباب ، ومن هذه الطريق رواه جابر بن عبد الله في صحيحه من حديث مسلم [ عن أبيه : جعفر بن محمد [13] . عن جابر [14] " . .
وأما ثانيا [15] . : فليس في هؤلاء من أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مميز إلا رضي الله عنه علي [16] . ، وهو الثقة الصدوق [17] . فيما يخبر به عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أن أمثاله من الصحابة ثقات صادقون فيما يخبرون به أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ولله الحمد ] [18] . - من أصدق الناس حديثا عنه ، لا يعرف فيهم من تعمد عليه كذبا ، مع أنه كان يقع من أحدهم من الهنات ما يقع ولهم ذنوب وليسوا معصومين ، ومع هذا فقد جرب [19] . [ ص: 457 ] أصحاب النقد [20] . والامتحان أحاديثهم واعتبروها بما تعتبر به [21] . الأحاديث ، فلم يوجد عن أحد منهم تعمد كذبة ، بخلاف القرن الثاني فإنه كان في أهل الكوفة جماعة يتعمدون الكذب .
ولهذا ، حتى الذين كانوا ينفرون ب ( فقط ) : ينقرون ، وهو تحريف . عن كان الصحابة كلهم ثقات باتفاق أهل العلم بالحديث والفقه [ رضي الله عنه ] معاوية [22] . إذا حدثهم على منبر المدينة يقولون : وكان لا يتهم في الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ابن حجر في ترجمة في الإصابة 3 \ 413 : " روى عنه من الصحابة معاوية ابن عباس وجرير البجلي ومعاوية بن خديج والسائب بن زيد وعبد الله بن زبير والنعمان بن بشير وغيرهم " . - ، وحتى بسر بن أبي أرطاة [23] . مع ما عرف منه : روى حديثين رواهما وغيره أبو داود [24] . ، لأنهم معروفون بالصدق [ ص: 457 ] عن [25] . النبي - صلى الله عليه وسلم - ، [ وكان هذا ] [26] . حفظا من الله لهذا الدين ، ولم يتعمد أحد [27] . الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا هتك الله ستره وكشف أمره ، ولهذا كان [28] . يقال : لو هم رجل بالسحر أن يكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصبح والناس [29] . يقولون : [ فلان ] [30] . كذاب .
وقد كان التابعون بالمدينة ومكة والشام والبصرة لا يكاد [31] . يعرف فيهم [ ص: 458 ] كذاب ، لكن الغلط لم يسلم منه [ بشر ] [32] . ، ولهذا يقال : فيمن يضعف منهم ومن أمثالهم : تكلم فيه بعض [33] . أهل العلم من قبل حفظه ، أي من جهة سوء حفظه فيغلط [34] . فينسى ، لا من جهة تعمده للكذب .
وأما الحسن فمات النبي - صلى الله عليه وسلم - وهما صغيران في سن التمييز ، فروايتهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قليلة . والحسين
- ، فقول القائل وأما سائر الاثني عشر فلم يدركوا النبي - صلى الله عليه وسلم [35] . : إنهم نقلوا عن جدهم ، إن أراد بذلك أنه أوحي إليهم ما قاله [36] . جدهم فهذه نبوة ، كما كان يوحى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما قاله غيره من الأنبياء .
وإن أراد أنهم سمعوا ذلك من غيرهم ، فيمكن أن يسمع من ذلك الغير الذي سمعوه منهم [37] . ، سواء كان ذلك من بني هاشم أو غيرهم ، فأي مزية لهم في النقل عن جدهم إلا بكمال العناية والاهتمام ؟ فإنه كل من كان أعظم اهتماما وعناية بأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وتلقيها من مظانها كان أعلم بها .
وليس هذا [38] . من خصائص هؤلاء ، بل في غيرهم من هو أعلم بالسنة [ ص: 460 ] من أكثرهم ، [ كما يوجد في كل عصر كثير [39] . من غير بني هاشم أعلم بالسنة من أكثر بني هاشم ] [40] . ، فالزهري [41] . أعلم بأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحواله وأقواله [ وأفعاله ] [42] . باتفاق أهل العلم من أبي جعفر محمد بن علي [43] . وكان معاصرا له .
وأما موسى بن جعفر [44] . وعلي بن موسى [45] ) . ومحمد بن [ ص: 461 ] علي [46] . فلا يستريب من له من العلم نصيب أن مالك بن أنس وحماد بن زيد [47] . حماد بن سلمة [48] والليث بن سعد، [49] والأوزاعي [50] ويحيى بن سعيد، [51] ووكيع بن الجراح [52] وعبد الله [ ص: 462 ] بن المبارك، [53] والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه [54] وأمثالهم أعلم بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم من هؤلاء [55] .
وهذا أمر تشهد به الآثار التي تعاين وتسمع، كما رضي الله عنه عمر بن الخطاب [56] كان أعظم [57] فتوحا وجهادا بالمؤمنين، تشهد الآثار بأن [58] وأقدر على قمع الكفار والمنافقين من غيره مثل: عثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين.
ومما يبين ذلك أن القدر الذي نقل عن هؤلاء من الأحكام المسندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ينقل عن [59] أولئك ما هو أضعافه.
وأما فإنهم كانوا يميزون بين ما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم وبين ما يقولونه من غير ذلك، وكان دعوى المدعي أن كل ما أفتى به الواحد من هؤلاء فهو منقول عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم فهذا كذب على القوم رضي الله عنهم أجمعين، علي رضي الله عنه يقول: [ ص: 463 ] إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله لأن أخر من السماء إلى الأرض أحب إلي من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة; ولهذا كان يقول القول ويرجع عنه; ولهذا كانوا يتنازعون في المسائل كما يتنازع غيرهم، وينقل عنهم الأقوال المختلفة كما ينقل عن غيرهم وكتب السنة والشيعة [60] مملوءة بالروايات المختلفة .