[ فصل ] قال الرافضي [1] : " وذهب الأكثر منهم إلى أن الله عز وجل [2] يفعل القبائح ، وأن ، وأن العبد لا تأثير له في ذلك ، وأنه لا غرض لله في أفعاله ، وأنه لا يفعل جميع أنواع المعاصي والكفر وأنواع الفساد واقعة بقضاء الله وقدره [3] لمصلحة العباد [4] شيئا ، [ ص: 8 ] وأنه تعالى يريد المعاصي من الكافر ولا يريد منه الطاعة وهذا يستلزم أشياء شنيعة " .
فيقال : الكلام على هذا من وجوه .
أحدها : أنه قد تقدم غير مرة أن مسائل القدر والتعديل والتجوير [5] ليست ملزومة [6] لمسائل الإمامة ولا لازمة ، فإن كثيرا من الناس يقر بإمامة الخلفاء الثلاثة ، ويقول [7] ما قاله في القدر ، وكثير من الناس بالعكس ، وليس أحد من الناس [8] مرتبطا بالآخر أصلا وقد تقدم النقل [9] عن الإمامية : ؟ على قولين هل أفعال العباد خلق الله [ تعالى ] [10] ، وكذلك الزيدية .
قال الأشعري [11] : " الزيدية في [ خلق ] الأفعال واختلفت [12] وهم فرقتان : فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن أفعال [13] العباد مخلوقة لله ، خلقها وأبدعها واخترعها بعد أن لم تكن ، فهي [14] محدثة له مخترعة . والفرقة الثانية [ ص: 9 ] منهم يزعمون أنها غير مخلوقة لله [15] ولا محدثة ، وأنها كسب [16] للعباد [17] أحدثوها واخترعوها [ وابتدعوها ] [18] وفعلوها " .
قلت : بل غالب الشيعة الأولى كانوا مثبتين للقدر ، وإنما ظهر إنكاره في متأخريهم كإنكار الصفات ، فإن غالب متقدميهم كانوا يقرون بإثبات الصفات ، والمنقول عن أهل البيت في إثبات الصفات والقدر لا يكاد يحصى ، وأما المقرون بإمامة الخلفاء [ الثلاثة ] [19] مع كونهم قدرية فكثيرون في [20] المعتزلة وغير المعتزلة . [21] فعامة القدرية تقر بإمامة الخلفاء [22] ، ولا يعرف أحد من متقدمي القدرية كان ينكر خلافة الخلفاء ، وإنما ظهر هذا لما صار بعض الناس رافضيا قدريا جهميا ، فجمع أصول البدع كصاحب هذا الكتاب وأمثاله .
والزيدية المقرون [23] بخلافة الخلفاء الثلاثة هم [24] من الشيعة ، وفيهم قدرية وغير قدرية ، والزيدية خير من الإمامية ، وأشبههم بالإمامية هم [25] [ ص: 10 ] الجارودية أتباع أبي الجارود
[26]
الذين يزعمون [27] أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على [ بالوصف لا بالتسمية ، فكان هو الإمام من بعده ] علي [28] ، وأن الناس ضلوا وكفروا بتركهم الاقتداء به بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم هو الإمام ، ثم الحسن . الحسين
ثم من هؤلاء من يقول : إن نص على إمامة عليا ، الحسن نص على إمامة والحسن ، ثم هي شورى في ولدهما ، فمن خرج منهم يدعو إلى سبيل ربه ، وكان عالما الحسين [29] فاضلا ، فهو الإمام [30] [ ص: 11 ] والفرقة الثانية [31] من الزيدية : السليمانية أصحاب [32] سليمان بن جرير ، يزعمون أن الإمامة شورى ، وأنها تصلح [33] بعقد رجلين من خيار المسلمين ، وأنها قد تصلح في المفضول [34] ، وإن كان الفاضل أفضل في كل حال ، ويثبتون إمامة الشيخين أبي بكر ، وقد قيل إنها كانت خطأ لا يفسق صاحبها لأجل التأويل وعمر [35] .
والثالثة : [36] البترية أصحاب كثير النواء ، قيل : [37] سموا بترية ; لأن كثيرا [38] كان يلقب بالأبتر . يزعمون أن أفضل الناس عليا [39] بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولاهم بالإمامة ، وأن بيعة أبي بكر ليست بخطأ ; لأن وعمر ترك ذلك لهما ، ويقفون في عليا وقتله ، ولا يقدمون عليه بإكفار ، كما يحكى عن عثمان السليمانية . وهذه الطائفة أمثل الشيعة ، [ ويسمون [ ص: 12 ] أيضا الصالحية ; لأنهم ينسبون [40] إلى الفقيه ] الحسن بن صالح بن حي [41] .
وهؤلاء الزيدية فيهم من هو في القدر على قول أهل السنة والجماعة وفيهم من هو على قول القدرية .