الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  الوجه الخامس : أن يقول : إعانتك على الفعل هو من أفعاله هو ، فما فعله فلحكمة ، وما لم يفعله فلانتفاء الحكمة ، وأما نفس الطاعة فمن أفعالك التي تعود مصلحتها عليك [1] ، فإن أعانك كان فضلا [ عليك ] منه [2] وإن خذلك كان عدلا منه ، فتكليفك ليس لحاجة [3] له إلى ذلك ليحتاج إلى إعانتك ، كما يأمر السيد عبده بمصلحته .

                  فإذا كان العبد غير قادر أعانه حتى يحصل مراد الآمر الذي يعود إليه نفعه ، بل التكليف إرشاد وهدى وتعريف للعباد بما [4] ينفعهم في المعاش والمعاد ومن عرف أن هذا الفعل ينفعه وهذا الفعل يضره ، وأنه يحتاج [5] إلى ذلك الذي ينفعه ، لم يمكنه أن يقول : لا أفعل الذي أنا محتاج إليه ، وهو ينفعني [6] حتى يخلق في الفعل ، بل مثل هذا يخضع ويذل لله حتى يعينه على فعل ما ينفعه ، كما لو قيل : هذا العدو قد قصدك [7] ، أو هذا السبع ، أو هذا السيل [8] المنحدر ، فإنه لا يقول : لا أهرب وأتخلص [ ص: 69 ] [ منه ] [9] حتى يخلق [ الله ] [10] في الهرب ، بل يحرص على الهرب ويسأل الله الإعانة على ذلك ، ويفر منه إذا عجز . وكذلك إذا كان محتاجا إلى طعام أو شراب أو لباس [11] ، فإنه لا يقول : لا آكل ولا أشرب ولا ألبس حتى يخلق الله [12] في ذلك ، بل يريد ذلك ويسعى فيه ويسأل الله تيسيره [ عليه ] [13] .

                  فالفطرة مجبولة على حب ما تحتاج إليه ، ودفع ما يضرها ، وأنها تستعين الله عز وجل على ذلك . هذا [ هو ] موجب الفطرة [14] التي فطر [ الله ] [15] عليها عباده ، وإيجابها ذلك ، ولهذا أمر الله العباد أن يسألوا الله أن يعينهم على فعل ما أمر .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية