الوجه الخامس : أن يقول :
nindex.php?page=treesubj&link=28788إعانتك على الفعل هو من أفعاله هو ، فما فعله فلحكمة ، وما لم يفعله فلانتفاء الحكمة ، وأما نفس الطاعة فمن أفعالك التي تعود مصلحتها عليك
[1] ، فإن أعانك كان فضلا [ عليك ] منه
[2] وإن خذلك كان عدلا منه ، فتكليفك ليس لحاجة
[3] له إلى ذلك ليحتاج إلى إعانتك ، كما يأمر السيد عبده بمصلحته .
فإذا كان العبد غير قادر أعانه حتى يحصل مراد الآمر الذي يعود إليه نفعه ، بل التكليف إرشاد وهدى وتعريف للعباد بما
[4] ينفعهم في المعاش والمعاد ومن عرف أن هذا الفعل ينفعه وهذا الفعل يضره ، وأنه يحتاج
[5] إلى ذلك الذي ينفعه ، لم يمكنه أن يقول : لا أفعل الذي أنا محتاج إليه ، وهو ينفعني
[6] حتى يخلق في الفعل ، بل مثل هذا يخضع ويذل لله حتى يعينه على فعل ما ينفعه ، كما لو قيل : هذا العدو قد قصدك
[7] ، أو هذا السبع ، أو هذا السيل
[8] المنحدر ، فإنه لا يقول : لا أهرب وأتخلص
[ ص: 69 ] [ منه ]
[9] حتى يخلق [ الله ]
[10] في الهرب ، بل يحرص على الهرب ويسأل الله الإعانة على ذلك ، ويفر منه إذا عجز . وكذلك إذا كان محتاجا إلى طعام أو شراب أو لباس
[11] ، فإنه لا يقول : لا آكل ولا أشرب ولا ألبس حتى يخلق الله
[12] في ذلك ، بل يريد ذلك ويسعى فيه ويسأل الله تيسيره [ عليه ]
[13] .
فالفطرة مجبولة على حب ما تحتاج إليه ، ودفع ما يضرها ، وأنها تستعين الله عز وجل على ذلك . هذا [ هو ] موجب الفطرة
[14] التي فطر [ الله ]
[15] عليها عباده ، وإيجابها ذلك ، ولهذا
nindex.php?page=treesubj&link=30514_30503أمر الله العباد أن يسألوا الله أن يعينهم على فعل ما أمر .
الْوَجْهُ الْخَامِسُ : أَنْ يَقُولَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28788إِعَانَتُكَ عَلَى الْفِعْلِ هُوَ مِنْ أَفْعَالِهِ هُوَ ، فَمَا فَعَلَهُ فَلِحِكْمَةٍ ، وَمَا لَمْ يَفْعَلْهُ فَلِانْتِفَاءِ الْحِكْمَةِ ، وَأَمَّا نَفْسُ الطَّاعَةِ فَمِنْ أَفْعَالِكَ الَّتِي تَعُودُ مَصْلَحَتُهَا عَلَيْكَ
[1] ، فَإِنْ أَعَانَكَ كَانَ فَضْلًا [ عَلَيْكَ ] مِنْهُ
[2] وَإِنْ خَذَلَكَ كَانَ عَدْلًا مِنْهُ ، فَتَكْلِيفُكَ لَيْسَ لِحَاجَةٍ
[3] لَهُ إِلَى ذَلِكَ لِيَحْتَاجَ إِلَى إِعَانَتِكَ ، كَمَا يَأْمُرُ السَّيِّدُ عَبْدَهُ بِمَصْلَحَتِهِ .
فَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ قَادِرٍ أَعَانَهُ حَتَّى يَحْصُلَ مُرَادُ الْآمِرِ الَّذِي يَعُودُ إِلَيْهِ نَفْعُهُ ، بَلِ التَّكْلِيفُ إِرْشَادٌ وَهُدًى وَتَعْرِيفٌ لِلْعِبَادِ بِمَا
[4] يَنْفَعُهُمْ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ وَمَنْ عَرَفَ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ يَنْفَعُهُ وَهَذَا الْفِعْلَ يَضُرُّهُ ، وَأَنَّهُ يَحْتَاجُ
[5] إِلَى ذَلِكَ الَّذِي يَنْفَعُهُ ، لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَقُولَ : لَا أَفْعَلُ الَّذِي أَنَا مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ ، وَهُوَ يَنْفَعُنِي
[6] حَتَّى يُخْلُقَ فِيَّ الْفِعْلُ ، بَلْ مِثْلُ هَذَا يَخْضَعُ وَيُذَلُّ لِلَّهِ حَتَّى يُعِينَهُ عَلَى فِعْلِ مَا يَنْفَعُهُ ، كَمَا لَوْ قِيلَ : هَذَا الْعَدُوُّ قَدْ قَصَدَكَ
[7] ، أَوْ هَذَا السَّبْعُ ، أَوْ هَذَا السَّيْلُ
[8] الْمُنْحَدِرُ ، فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ : لَا أَهْرُبُ وَأَتَخَلَّصُ
[ ص: 69 ] [ مِنْهُ ]
[9] حَتَّى يَخْلُقَ [ اللَّهُ ]
[10] فِيَّ الْهَرَبَ ، بَلْ يَحْرِصُ عَلَى الْهَرَبِ وَيَسْأَلُ اللَّهَ الْإِعَانَةَ عَلَى ذَلِكَ ، وَيَفِرُّ مِنْهُ إِذَا عَجَزَ . وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ لِبَاسٍ
[11] ، فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ : لَا آكُلُ وَلَا أَشْرَبُ وَلَا أَلْبَسُ حَتَّى يَخْلُقَ اللَّهُ
[12] فِي ذَلِكَ ، بَلْ يُرِيدُ ذَلِكَ وَيَسْعَى فِيهِ وَيَسْأَلُ اللَّهَ تَيْسِيرَهُ [ عَلَيْهِ ]
[13] .
فَالْفِطْرَةُ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ ، وَدَفْعِ مَا يَضُرُّهَا ، وَأَنَّهَا تَسْتَعِينُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى ذَلِكَ . هَذَا [ هُوَ ] مُوجَبُ الْفِطْرَةِ
[14] الَّتِي فَطَرَ [ اللَّهُ ]
[15] عَلَيْهَا عِبَادَهُ ، وَإِيجَابَهَا ذَلِكَ ، وَلِهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=30514_30503أَمَرَ اللَّهُ الْعِبَادَ أَنْ يَسْأَلُوا اللَّهَ أَنْ يُعِينَهُمْ عَلَى فِعْلِ مَا أَمَرَ .