الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  ( فصل ) قال [ الرافضي ] [1] : " ومنها أنه يلزم [2] تكليف ما لا يطاق لأنه تكليف للكافر [3] بالإيمان ولا قدرة له عليه ، وهو قبيح عقلا ، [ ص: 103 ] والسمع قد منع منه . وقال الله تعالى : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [ سورة البقرة : 286 ] " .

                  والجواب عنه [4] من وجوه : أحدها : أن المثبتين للقدر لهم في قدرة العبد قولان : أحدهما أن قدرته لا تكون إلا مع الفعل ، وعلى هذا فالكافر الذي سبق في علم الله أنه لا يؤمن لا يقدر على الإيمان أبدا ، وما ذكره [5] وارد على هؤلاء .

                  والثاني : أن القدرة نوعان : فالقدرة المشروطة في التكليف تكون قبل الفعل وبدون الفعل ، وقد تبقى [6] إلى حين الفعل . والقدرة المستلزمة للفعل لا بد أن تكون موجودة عند وجوده .

                  وأصل قولهم إن الله خص المؤمنين بنعمة يهتدون بها [7] لم يعطها الكافر ، وأن العبد لا بد أن يكون قادرا حين الفعل ، خلافا لمن زعم أنه لا يكون قادرا إلا قبل الفعل ، وأن النعمة على الكافر والمؤمن سواء ، وإذا كان لا بد من قدرته [8] . حال الفعل فإذا كان قادرا قبل الفعل وبقيت القدرة إلى حين الفعل لم ينقض [9] هذا أصلهم ، لكن مجرد القدرة الصالحة للضدين [10] يشترك فيها المؤمن والكافر ، فلا بد للمؤمن مما [11] يخصه الله به من الأسباب التي بها يكون [ ص: 104 ] مؤمنا ، وهذا يدخل فيه إرادته للإيمان [12] ، وهذه الإرادة يدخلونها في جملة القدرة المقارنة للفعل ، وهو نزاع لفظي ، وقد بين هذا في غير هذا [13] الموضع كما تقدم .

                  وحينئذ فعلى قول الجمهور من أهل السنة الذين يقولون : إن الكافر يقدر على الإيمان يبطل هذا الإيراد ، وعلى قول الآخرين [14] فإنهم يلتزمونه ، وأي القولين كان هو الصواب فهو غير خارج عن أقوال أهل السنة [15] ولله الحمد .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية