( فصل ) قال [ الرافضي ] [1] : " ومنها أنه يلزم [2] لأنه تكليف للكافر تكليف ما لا يطاق [3] بالإيمان ولا قدرة له عليه ، وهو قبيح عقلا ، [ ص: 103 ] والسمع قد منع منه . وقال الله تعالى : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [ سورة البقرة : 286 ] " .
والجواب عنه [4] من وجوه : أحدها : أن : أحدهما أن قدرته لا تكون إلا مع الفعل ، وعلى هذا فالكافر الذي سبق في علم الله أنه لا يؤمن لا يقدر على الإيمان أبدا ، وما ذكره المثبتين للقدر لهم في قدرة العبد قولان [5] وارد على هؤلاء .
والثاني : أن القدرة نوعان : تكون قبل الفعل وبدون الفعل ، وقد تبقى فالقدرة المشروطة في التكليف [6] إلى حين الفعل . والقدرة المستلزمة للفعل لا بد أن تكون موجودة عند وجوده .
وأصل قولهم إن الله خص المؤمنين بنعمة يهتدون بها [7] لم يعطها الكافر ، وأن العبد لا بد أن يكون قادرا حين الفعل ، خلافا لمن زعم أنه لا يكون قادرا إلا قبل الفعل ، وأن النعمة على الكافر والمؤمن سواء ، وإذا كان لا بد من قدرته [8] . حال الفعل فإذا كان قادرا قبل الفعل وبقيت القدرة إلى حين الفعل لم ينقض [9] هذا أصلهم ، لكن مجرد القدرة الصالحة للضدين [10] يشترك فيها المؤمن والكافر ، فلا بد للمؤمن مما [11] يخصه الله به من الأسباب التي بها يكون [ ص: 104 ] مؤمنا ، وهذا يدخل فيه إرادته للإيمان [12] ، وهذه الإرادة يدخلونها في جملة القدرة المقارنة للفعل ، وهو نزاع لفظي ، وقد بين هذا في غير هذا [13] الموضع كما تقدم .
وحينئذ فعلى قول الجمهور من أهل السنة الذين يقولون : إن يبطل هذا الإيراد ، وعلى قول الآخرين الكافر يقدر على الإيمان [14] فإنهم يلتزمونه ، وأي القولين كان هو الصواب فهو غير خارج عن أقوال أهل السنة [15] ولله الحمد .