[ الوجه ] [1] الثاني : أنهم يجوزون أنه [2] صاحبها يكذب ، ويخلق القدرة على الظلم والفواحش مع علمه أن صاحبها يظلم ويفحش . ومعلوم أن الواحد منا يخلق القدرة على الكذب مع علمه بأن [3] يجري تمكينه من القبائح وإعانته عليها مجرى فعله لها ، فمن أعان غيره على الكذب بإعطاء أمور [4] يستعين بها على الكذب ، كان بمنزلة الكذب [5] في القبح ، [ ص: 221 ] فلا يجوز لنا أن نعين على إثم و [ لا ] عدوان [6] ، كما نهى [7] الله عن ذلك . فإن كان ما قبح منه قبح منا ، فيلزم أن يجوزوا عليه إذا أعان على الكذب أن يكذب ، ويلزمهم [8] المحذور .
فإن قالوا : إنما أعطاه القدرة ليطيع لا ليعصي .
قيل : إذا كان عالما بأنه يعصي كان بمنزلة من يعطي [9] الرجل سيفا ليقاتل به الكفار مع علمه بأنه يقتل به نبيا ، وهذا لا يجوز في حقنا ، فإن من فعل فعلا لغرض مع علمه بأن الغرض [10] لا يحصل به كان سفيها فينا ، والله تعالى منزه عن ذلك . فعلم أن حكمه في أفعاله مخالف لأفعال عباده [11] ، وإن عللوا ذلك بعلة يمكن استقامتها . قيل لهم : وكذلك ما يخلقه في غيره له حكمة ، كما للإعانة عليه بالقدرة حكمة .