[ الوجه ]
[1] الخامس : أن يقال : [ قد ]
[2] اتفق السلف وأتباعهم على أن
nindex.php?page=treesubj&link=29453كلام الله غير مخلوق بل قائم به . ثم تنازعوا : هل يتكلم بمشيئته وقدرته ؟
[ ص: 223 ] على قولين [ معروفين ] . فالأول
[3] : قول السلف والجمهور . والثاني : قول
nindex.php?page=showalam&ids=13464ابن كلاب ومن تبعه
[4] .
ثم تنازع أتباع
nindex.php?page=showalam&ids=13464ابن كلاب هل القديم الذي لا يتعلق بمشيئته ( * وقدرته معنى قائم [ بذاته ]
[5] ، أو حروف
[6] ، أو حروف وأصوات أزلية ؟ على قولين . [ كما قد بسط في موضعه ]
[7] .
وإذا كان كذلك فمن قال : إنه لا يتعلق بمشيئته امتنع أن يقوم به غير * )
[8] ما اتصف به ، والصدق عندهم هو العلم أو معنى يستلزمه العلم
[9] . ومعلوم أن علمه من لوازم ذاته ، ولوازم العلم من لوازم ذاته ، فيكون الصدق من لوازم ذاته
[10] ، فيمتنع اتصافه بنقيضه ، فإن لازم الذات القديمة الواجبة بنفسها يمتنع
[11] عدمه كما يمتنع عدمها ، فإن عدم اللازم يقتضي عدم الملزوم . وأيضا فالصدق والكذب حينئذ مثل البصر والعمى ، والسمع والصمم ، والكلام والخرس ، وكما وجب أن يتصف بالبصر دون العمى ، وبالسمع دون الصمم ، وبالكلام دون الخرس
[12] ، وجب أيضا أن يتصف
[13] بالصدق دون الكذب .
[ ص: 224 ] وأما من قال : الكلام يتعلق بمشيئته وقدرته ، فهؤلاء عامتهم يقولون : إنه يتكلم لحكمة ويفعل لحكمة ، وأنه سبحانه منزه عن فعل القبيح . وأدلة هؤلاء على تنزيهه عن فعل
[14] القبائح أعظم من أدلة
المعتزلة وأقوى ، فإن كل دليل يدل على تنزيهه عن فعل قبيح منفصل عنه - فإنه يدل على تنزيهه عن فعل قبيح يقوم به بطريق الأولى والأحرى ، فإن كون ما يقوم به من القبائح نقصا هو أظهر من كون فعل المستقبحات المنفصلة نقصا ، فإذا امتنع هذا فذاك أولى بالامتناع .
[ الْوَجْهُ ]
[1] الْخَامِسُ : أَنْ يُقَالَ : [ قَدِ ]
[2] اتَّفَقَ السَّلَفُ وَأَتْبَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29453كَلَامَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ بَلْ قَائِمٌ بِهِ . ثُمَّ تَنَازَعُوا : هَلْ يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ ؟
[ ص: 223 ] عَلَى قَوْلَيْنِ [ مَعْرُوفَيْنِ ] . فَالْأَوَّلُ
[3] : قَوْلُ السَّلَفِ وَالْجُمْهُورِ . وَالثَّانِي : قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13464ابْنِ كِلَابٍ وَمَنْ تَبِعَهُ
[4] .
ثُمَّ تَنَازَعَ أَتْبَاعُ
nindex.php?page=showalam&ids=13464ابْنِ كِلَابٍ هَلِ الْقَدِيمُ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ ( * وَقُدْرَتِهِ مَعْنًى قَائِمٌ [ بِذَاتِهِ ]
[5] ، أَوْ حُرُوفٌ
[6] ، أَوْ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ أَزَلِيَّةٌ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ . [ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ ]
[7] .
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَنْ قَالَ : إِنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ امْتَنَعَ أَنْ يَقُومَ بِهِ غَيْرُ * )
[8] مَا اتَّصَفَ بِهِ ، وَالصِّدْقُ عِنْدَهُمْ هُوَ الْعِلْمُ أَوْ مَعْنًى يَسْتَلْزِمُهُ الْعِلْمُ
[9] . وَمَعْلُومٌ أَنَّ عِلْمَهُ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ ، وَلَوَازِمُ الْعِلْمِ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ ، فَيَكُونُ الصِّدْقُ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ
[10] ، فَيَمْتَنِعُ اتِّصَافُهُ بِنَقِيضِهِ ، فَإِنَّ لَازِمَ الذَّاتِ الْقَدِيمَةِ الْوَاجِبَةِ بِنَفْسِهَا يَمْتَنِعُ
[11] عَدَمُهُ كَمَا يَمْتَنِعُ عَدَمُهَا ، فَإِنَّ عَدَمَ اللَّازِمِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْمَلْزُومِ . وَأَيْضًا فَالصِّدْقُ وَالْكَذِبُ حِينَئِذٍ مِثْلُ الْبَصَرِ وَالْعَمَى ، وَالسَّمْعِ وَالصَّمَمِ ، وَالْكَلَامِ وَالْخَرَسِ ، وَكَمَا وَجَبَ أَنْ يَتَّصِفَ بِالْبَصَرِ دُونَ الْعَمَى ، وَبِالسَّمْعِ دُونَ الصَّمَمِ ، وَبِالْكَلَامِ دُونَ الْخَرَسِ
[12] ، وَجَبَ أَيْضًا أَنْ يَتَّصِفَ
[13] بِالصِّدْقِ دُونَ الْكَذِبِ .
[ ص: 224 ] وَأَمَّا مَنْ قَالَ : الْكَلَامُ يَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ ، فَهَؤُلَاءِ عَامَّتُهُمْ يَقُولُونَ : إِنَّهُ يَتَكَلَّمُ لِحِكْمَةٍ وَيَفْعَلُ لِحِكْمَةٍ ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُنَزَّهٌ عَنْ فِعْلِ الْقَبِيحِ . وَأَدِلَّةُ هَؤُلَاءِ عَلَى تَنْزِيهِهِ عَنْ فِعْلِ
[14] الْقَبَائِحِ أَعْظَمُ مِنْ أَدِلَّةِ
الْمُعْتَزِلَةِ وَأَقْوَى ، فَإِنَّ كُلَّ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى تَنْزِيهِهِ عَنْ فِعْلٍ قَبِيحٍ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ - فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى تَنْزِيهِهِ عَنْ فِعْلٍ قَبِيحٍ يَقُومُ بِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى ، فَإِنَّ كَوْنَ مَا يَقُومُ بِهِ مِنَ الْقَبَائِحِ نَقْصًا هُوَ أَظْهَرُ مِنْ كَوْنِ فِعْلِ الْمُسْتَقْبَحَاتِ الْمُنْفَصِلَةِ نَقْصًا ، فَإِذَا امْتَنَعَ هَذَا فَذَاكَ أَوْلَى بِالِامْتِنَاعِ .