الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  [ الوجه ] [1] الخامس : أن يقال : [ قد ] [2] اتفق السلف وأتباعهم على أن كلام الله غير مخلوق بل قائم به . ثم تنازعوا : هل يتكلم بمشيئته وقدرته ؟ [ ص: 223 ] على قولين [ معروفين ] . فالأول [3] : قول السلف والجمهور . والثاني : قول ابن كلاب ومن تبعه [4] .

                  ثم تنازع أتباع ابن كلاب هل القديم الذي لا يتعلق بمشيئته ( * وقدرته معنى قائم [ بذاته ] [5] ، أو حروف [6] ، أو حروف وأصوات أزلية ؟ على قولين . [ كما قد بسط في موضعه ] [7] .

                  وإذا كان كذلك فمن قال : إنه لا يتعلق بمشيئته امتنع أن يقوم به غير * ) [8] ما اتصف به ، والصدق عندهم هو العلم أو معنى يستلزمه العلم [9] . ومعلوم أن علمه من لوازم ذاته ، ولوازم العلم من لوازم ذاته ، فيكون الصدق من لوازم ذاته [10] ، فيمتنع اتصافه بنقيضه ، فإن لازم الذات القديمة الواجبة بنفسها يمتنع [11] عدمه كما يمتنع عدمها ، فإن عدم اللازم يقتضي عدم الملزوم . وأيضا فالصدق والكذب حينئذ مثل البصر والعمى ، والسمع والصمم ، والكلام والخرس ، وكما وجب أن يتصف بالبصر دون العمى ، وبالسمع دون الصمم ، وبالكلام دون الخرس [12] ، وجب أيضا أن يتصف [13] بالصدق دون الكذب .

                  [ ص: 224 ] وأما من قال : الكلام يتعلق بمشيئته وقدرته ، فهؤلاء عامتهم يقولون : إنه يتكلم لحكمة ويفعل لحكمة ، وأنه سبحانه منزه عن فعل القبيح . وأدلة هؤلاء على تنزيهه عن فعل [14] القبائح أعظم من أدلة المعتزلة وأقوى ، فإن كل دليل يدل على تنزيهه عن فعل قبيح منفصل عنه - فإنه يدل على تنزيهه عن فعل قبيح يقوم به بطريق الأولى والأحرى ، فإن كون ما يقوم به من القبائح نقصا هو أظهر من كون فعل المستقبحات المنفصلة نقصا ، فإذا امتنع هذا فذاك أولى بالامتناع .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية