وأما قوله : " وجاز [ منه ] [1] إرسال الكذاب " فجوابه من وجوه .
أحدها : أنه لا ريب أن الله يرسل الكذاب ، كإرسال الشياطين في قوله : ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا [ سورة مريم : 83 ] ، و [ يبعثهم ] كما في قوله [2] تعالى : بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد [ سورة الإسراء : 5 ] ، لكن هذا لا يكون إلا مقرونا بما يبين كذبهم ، كما في مسيلمة الكذاب والأسود العنسي . ولكن ليس [3] في مجرد إرسال الكذاب ما يمنع التمييز بينه وبين الصادق ، كما أنه يرسل الظالم ، وليس في إرساله ما يمنع التمييز بينه وبين العادل ، ويرسل الجاهل والفاجر [4] والأعمى والأصم ، وليس في إرسال هؤلاء ما يمنع التمييز بينهم وبين غيرهم . ولفظ " الإرسال " يتناول إرسال الرياح وإرسال الشياطين وغير ذلك .