الثالث : أنه إذا ، فإن قالوا : يجوز إظهار أعلام الصدق عليه ، كان هذا ممنوعا ، وهو باطل بالاتفاق . وإن قالوا : لم يجز ذلك ، لم يكن مجرد دعوى النبوة بلا علم على الصدق ضارا خلق من يدعي النبوة وهو كاذب [1] ، فإن الشخص لو ادعى أنه طبيب أو صانع [2] بلا دليل يدل على صدقه لم يلتفت إليه ، فكيف بمدعي [3] النبوة ؟
وإن قالوا : [4] إذا جوزتم عليه أن يخلق الكذب في الكذاب ، فجوزوا عليه أن يظهر على يديه أعلام الصدق .
قيل : هذا ممتنع ; لأن أدلة الصدق تستلزم الصدق ، لأن الدليل مستلزم للمدلول ، فإظهار أعلام الصدق على [ يد ] الكذاب [5] ممتنع لذاته ، فلا يمكن بحال .
وإن قالوا : فجوزوا أن يظهر على يديه خارق .
قلنا : نعم ، فنحن [6] نجوز أن يظهر الخارق على [ يد من ] يدعي [7] [ ص: 228 ] الإلهية كالدجال ; لأن [8] ذلك لا يدل على صدقه ، لظهور [9] كذبه في دعوى الإلهية ، والممتنع ظهور دليل الصدق على الكذاب .
فإن قالوا : فجوزوا ظهور الخوارق [10] على [ يد ] مدعي [11] النبوة مع كذبه .
قلنا : [ نعم ] [12] ، ويجوز ذلك على وجه لا يدل على صدقه ، مثل ما يظهر السحرة والكهان من الخوارق المقرونة بما يمنع صدقهم . والكلام على هذا مبسوط في موضعه [13] .