الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  الوجه الثالث :

                  أن يقال : هم يقولون بأن الواجب [1] فياض دائم الفيض ، وإنما يتخصص بعض الأوقات بالحدوث لما يتجدد من حدوث الاستعداد والقبول ، وحدوث الاستعداد والقبول هو سبب حدوث الحركات .

                  وهذا كلام باطل ، فإن هذا إنما يتصور إذا كان الفاعل [2] الدائم الفيض ليس هو المحدث لاستعداد القبول ، كما يدعونه في العقل [ ص: 155 ] الفعال ، فيقولون : إنه دائم الفيض ، ولكن يحدث استعداد القوابل بسبب حدوث الحركات الفلكية والاتصالات الكوكبية ، وتلك ليست صادرة عن العقل الفعال ، وإنما . [3] في المبدع الأول ، فهو المبدع لكل ما سواه ، فعنه يصدر الاستعداد والقبول والقابل والمقبول .

                  وحينئذ فيقال : إذا كان علة تامة موجبا بذاته ، وهو دائم الفيض لا يتوقف فيضه على [ شيء ] [4] غيره أصلا لزم أن يكون كل ما يصدر عنه بواسطة أو بغير واسطة [5] لازما له قديما بقدمه ، فلا يحدث عنه شيء لا بوسط ولا بغير وسط ; لأن فعله وإبداعه لا يتوقف على استعداد أو قبول [6] يحدث عن غيره ، ولكن هو المبدع للشرط والمشروط والقابل والمقبول والاستعداد ، وما يفيض على المستعد ، وإذا كان وحده هو الفاعل لذلك كله امتنع أن يكون علة تامة أزلية مستلزمة لمعلولها ; لأن ذلك يوجب أن يكون معلوله كله أزليا قديما بقدمه ، وكل ما سواه معلول له ، فيلزم أن يكون كل ما سواه قديما أزليا ، وهذا مكابرة للحس .

                  ومن تدبر هذا وفهمه تبين له أن فساد قول هؤلاء معلوم بالضرورة بعد التصور التام .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية